ما هي صلاة الخوف ؟

السوسنة - الصلاة عمود الدين، ولذا فهي لا تسقط عن المسلمين إلا في قليل من الحالات، وهي: الحيض والنفاس والغيبوبة الطويلة، ولا تسقط أبداً في غيرها من الحالات، فمهما كان الشخص مريضاً، فإنه يصلي جالساً، أو مستلقياً، فيحرك ما يقدر عليه من جسمه، وحتى في المعارك حين يخاف المسلمون من هجوم أعدائهم عليهم، لا تسقط الصلاة، ولكنها تؤدى بطريقة مختلفة مناسبة لهذا الوضع الحساس وتسمى صلاة الخوف.

- صلاة شدة الخوف:
تصلى هذه الصلاة في كل حال يشتد فيها خوف المسلم على نفسه، وفيها يصلي المصلي كيفما أمكنه، فيأتي بما يستطيع من أركان الصلاة، ويسقط عنه ما عجز عنه، فقد يصلي إلى غير القبلة إذا لم يستطع التوجه إلى القبلة، وقد يصلي مع انكشاف جزء من عورته التي  يجب أن تغطى في الصلاة، ويمكنه أن يوميءبالركوع والسجود برأسه بحسب استطاعته، فيجعل إيماءه بالسجود أخفض من إيمائه بالركوع، وقد يصلي بعينيه إن لم يستطع حتى أن يوميء برأسه، وهذا مما اتفق عليه أئمة المذاهب الأربعة، ففي رواية للبخاري قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالا ، قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا ، مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا.


قَالَ مَالِكٌ : قَالَ نَافِعٌ : لا أُرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .  

- دليل صلاة الخوف من القرآن الكريم:
قال تعالى:"وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰ أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا". سورة النساء آية 102 

- دليل صلاة الخوف من السنة:
عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال :" صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه ، فقامت طائفة معه ، وطائفة بإزاء العدو ، فصلى بالذين معه ركعة ، ثم ذهبوا ، وجاء الآخرون ، فصلى بهم ركعة ، وقضت الطائفتان ركعة ، ركعة " رواه مسلم

- سبب مشروعية صلاة الخوف ونزول الآية التي تتحدث عنها (الآية 102 من سورة النساء):
في العام السادس بعد الهجرة (عام صلح الحديبية) خرج الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه إلى مكة لأداء العمرة، لكن قريش لم ترغب في أن يتم هذا الأمر ببساطة، فرفضت أن يدخل المسلمون إلى مكة وأرسلت إليهم جيشاً ليهاجمهم ويمنعهم من الوصول إلى مكة، وكان على رأس هذا الجيش الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه، ولم يكن قد أسلم بعد، والتقى المسلمون بجيش المشركين في منطقة تدعى عسفان، ولما دخل وقت صلاة الظهر، صلاها المسلمون جماعة كما هي العادة، فرأى المشركون في ذلك فرصة ذهبية للهجوم عليهم بينما هم منشغلون بالصلاة، فأضمروا أن يفعلوا ذلك عندما يصلي المسلمون صلاة العصر، فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآية بين صلاتي الظهر والعصر فكانت صلاة العصر من ذلك اليوم أول صلاة خوف يصليها المسلمون.

- كيف تصلى صلاة الخوف؟
ورد في صفة صلاة الخوف 6 طرق، وكلها صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين، فكان يختار لكل موقف ما هو أنسب له، وأكثر أماناً للمسلمين.

1. تصلى صلاة الخوف في الفجر والظهر والعصر والعشاء بنفس الطريقة إذ تصلى جميعها ركعتين لقصر الظهر والعصر والعشاء.

2. في كل وجوه صلاة الخوف الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم تنقسم جماعة المسلمين إلى قسمين: قسم يصلي مع الإمام، وقسم يحرسون إخوانهم المصلين.


- الحالة الأولى:
إذا كان الأعداء باتجاه القبلة يصلي المسلمون جميعاً معاً ويركعون معاً، وعند السجود يسجد الصف الأول مع الإمام بينما يبقى الصف الثاني واقفاً، وعندما يرفع الإمام يرفع الصف الأول معه بينما يسجد الصف الثاني، ثم يتبادل الصفان أماكنهما، ويفعلون مثلما فعلوا في الركعة الأولى، فيسجد الصف الثاني بعد رفع الصف الأول من السجود ثم يسلم الإمام بهم جميعاً. 

- الحالة الثانية:
 إذا كان الأعداء في غير اتجاه القبلة، فيصلي قسم من المسلمين الركعة الأولى من الصلاة مع الإمام بينما يقف القسم الثاني في مواجهة العدو، وفي الركعة الثانية يصلي القسم الذي كان يقوم بالحراسة، ويأخذ الذين صلوا مكانهم، وينهي الإمام الصلاة فيكون قد صلى ركعتين بينما صلى كل من المصلين ركعة واحدة، فيقضي كل من القسمين ركعة واحدة بعد سلام الإمام، وذلك ليشهد الجميع صلاة الجماعة وينالوا أجرها.

- الحالة الثالثة:
قد يصلي قسم من المسلمين الركعة الأولى مع الإمام، ثم يبقى الإمام واقفاً بينما يتمون صلاتهم بركعة ثانية ويسلمون، ثم يتبادلون الأماكن مع القسم المكلف بالحراسة، فيصلي الإمام بالقسم الثاني الركعة الثانية وينتظرهم في الجلوس حتى يتموا الركعة الثانية لهم ثم يسلم بهم. 

-  الحالة الرابعة:
وقد يصلي الإمام 4 ركعات، حيث يصلي القسم الأول من المسلمين مع الإمام الركعتين الأولى والثانية ثم يسلمون، وينتقلون إلى الحراسة بينما يصلي القسم الثاني الذي كان يقوم بالحراسة
الركعتين الثالثة والرابعة، فيكون كل مصلِّ منهم قد صلى ركعتين، بينما صلى الإمام أربع ركعات.

-  الحالة الخامسة:
 قد يصلي الإمام ركعتين بالقسم الأول فيسلم ويسلمون، ويتبادلون مع القسم الذي كان يقوم بالحراسة فيأخذون مكانهم، بينما يصلي الإمام مرة أخرى بالقسم الثاني، فيكون الإمام قد صلى بهم صلاتين، لكل قسم صلاة.

-  الحالة السادسة:
وقد يصلي الإمام بالقسم الأول ركعة، ثم يذهبون ويتبادلون مع القسم الذي كان يقوم بالحراسة، فيصلي بهم الإمام الركعة الثانية، ويسلمون، ولا يكون على أي فريق منهم أن يقضوا الركعة الثانية، فيكون الإمام في هذه الحالة قد صلى ركعتين، بينما صلى كل مصلٍّ منهم ركعة واحدة.

-  اختلف العلماء في صفة صلاة المغرب إذا صليت في الخوف، فمنهم من قال أن الإمام يصلي المغرب مرتين، كل مرة بقسم من المسلمين بينما يقوم القسم الآخر بالحراسة، وقال البعض أن الإمام يصلي بالقسم الأول ركعة، ويقضون الركعتين، ويصلي بالقسم الثاني ركعتين، ويقضون ركعة ليتموا صلاة المغرب ثلاث ركعات، واختلفوا على وقت القضاء، أيكون قبل سلام الإمام أم بعده.

- ومع كل هذا الاختلاف، فإن الدين فيه سعة وتيسير ولذلك قال الإمام أحمد: "كلُّ حديثٍ يُروى في أبوابِ صلاة الخوف، فالعمل به جائزٌ".


المصادر : الموقع الاسلامي الموثق الدرر سنية
الموقع الاسلامي اسلام ويب