كيف تبني بيتًا في الجنة ؟

السوسنة - من عظيم نعم الله تعالى على الناس في الدنيا، أن ألهمهم أن يتخذوا بيوتاً لهم، يسكنون ويطمئنون فيها، يستظلون فيها من شمس الصيف ويحتمون فيها من برد الشتاء، وكلنا يعلم كم يتعب الانسان ويجتهد، وكم يبذل من جهد ومال ووقت ليبني منزلاً يسد حاجته وحاجة أسرته، وكم يبذل فيما بعد ليحافظ على هذا المنزل في حالة جيدة ويصلح الأضرار التي تظهر فيه مع مرور الزمن. ولكن ،من فكر يوماً بامتلاك بيت لا يبلى ولا يتلف؟ بل يبقى إلى الأبد؟ و هل فكرتم يوماً بامتلاك بيت فيه من الرفاهية والنعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؟ 

بيوت وقصور الجنة من النعيم الذي أعده الله لأهلها، وتختلف قيمة البيت بحسب مكانه في الجنة وبحسب ما فيه من مميزات، فليست كل بيوت الجنة متشابهة، فالأجر دائماً على قدر العمل وعلى قدر عظًم النية
وبالرغم من التفاوت فيما بين بيوت الجنة إلا أنها كلها نعيم وفضل من الله لم يتخيله الإنسان في حياته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجنة بناؤها لبنة من فضة و لبنة من ذهب و ملاطها المسك الأذفر و حصباؤها اللؤلؤ و الياقوت و تربتها الزعفران من يدخلها ينعم لا يبأس و يخلد لا يموت لا تبلى ثيابهم و لا يفنى شبابهم" قال الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 3116 في صحيح الجامع. 


 وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث في عدة مواضع، تبين لنا الأعمال التي يستحق بها المسلم أن يبنى له بيت في الجنة.

1.بناء المساجد (ابنِ لله بيتاً في الأرض، يبني لك به بيتاً في الجنة):
المساجد بيوت الله في الأرض يأتي إليها المصلون فيذكرون الله ويعبدونه فيها ويؤدون ما أمرهم به، ولذا كان أجر بنائها أجراً عظيماً.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة (متفق عليه 

2. قراءة سورة الإخلاص (صفة الرحمن):
سورة الإخلاص سورة عظيمة، وهي كلها وصف لله تعالى وتنزيه له عن كل نقص أو حاجة لأي من المخلوقات ولذا فهي (صفة الرحمن)، وقد ورد عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ (قل هو الله أحد) عشر مرات بنى الله له بيتا في الجنة" قال الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 6472 في صحيح الجامع. 

3.  الصبر عند موت الأبناء والرضا بقضاء الله:
الموت حق لا مفر منه، والدنيا كلها دار ابتلاء فانية، ومن أصعب الفقد على نفس الإنسان فقد الولد، ولكن من عظم فضل الله على البشر أن جعل مع هذه المصيبة منحة عظيمة للصابرين الراضين بقضائه وقدره، تهوّن عليهم مصيبتهم وتربطهم بنعيم الآخرة الذي لا يفنى وتعدهم بحياة أخرى لا تزول ولا تنتهي ولا يكدرها موت أو مرض مع أبنائهم وأحبابهم.
فقد روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته : قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده. فيقولون: نعم فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجعك فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد". رواه الترمذي وقال حديث حسن ومعنى استرجع: أي قال إنا لله وإنا إليه راجعون. 

4. الدعاء عند دخول السوق:
السوق مكان ينشغل فيه الناس في البيع والشراء، وأمور الدنيا، ويغفلون عن ذكر الله، لذلك كان لذكر الله في السوق خصوصية ذكر الله بين الغافلين، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل السوق فقال:" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو حي لا يموت بيده الخير و هو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة و محا عنه ألف ألف سيئة و رفع له ألف ألف درجة و بنى له بيتا في الجنة". رواه أحمد وابن ماجه وقال الألباني (حسن) صحيح الجامع (1/1118)

5.  صلاة إثنا عشرة ركعة من السنن في اليوم الواحد:
يتهاون بعض الناس في الالتزام بالسنن الراتبة، ويكتفون بصلاة الفروض فقط، ولكنهم بذلك يضيعون على أنفسهم الكثير من الأجور، فأجر الالتزام بالسنن والإكثار من صلوات التطوع والنافلة أجر كبير، فعن أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة". أخرجه مسلم

 6.  ترك الجدال الذي لا جدوى منه ولو كان الحق معك، وترك الكذب حتى لو على سبيل المزاح، وحسن الخلق: عن أبي أمامة رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ". رواه أبو داوود بإسناد حسن