السوسنة - حياء سيدنا عثمان بن عفان هو أكبر شيء يدلنا على أن الحياء هو شيمة من شيم الرجال ، ولكننا نحن ارتبطت في أذهاننا كلمة الحياء بصورة المرأة ؛ وعلى وجه خاص الفتاة العذراء التي هي من تكون أشد حياءا .
في حين أن التاريخ ذكر لنا رجال عدة ممن ضرب بهم المثل في الحياء وشدته .
أول اسم قد يخطر في أذهاننا حيمنا نسمع عن الحياء هو سيدنا عثمان بن عفان الحيي ، الذي كانت تستحي منه الملائكة لشدة حيائه ، فهو قد لازم الحياء ولازمه الحياء ، حتى أصبح صفة يعرف بها وتعرف به أيضا .
يقول - صلى الله عليه وسلم - : " أصدق أمتي حياءً عثمان " .
وروي أنه لشدة حيائه - رضي الله عنه وأرضاه - ، كان إذا أراد أن يغتسل ، اغتسل جالساً أو منحنياً على نفسه غير مستقيم ؛ لئلا يكشف شيء من جسده حتى أمام نفسه .
وشهد له الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحيائه في حديث ذكره حين همَّ عثمان بالدخول عليه فاعتدل في جلسته ، بينما لم يعتدل قبلها عندما استئذان بكر ، ومن بعده عمر بن الخطاب وقال الرسول عندما سألته عائشة عن ذلك : " ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة " .
وقد تزوج سيدنا عثمان رقية بنت رسول الله ، وأقام في بيت النبوة فترة من الزمن بعد زواجه منها ، وفي هذه الحادثة كان يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن عثمان مكث عندي كذا وكذا ، ما سمعت خشخشهماءه في الطشت ، ( يعني ما أسمع عثمان النبي صوتا وهو يغتسل حتى لا يؤذي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) " .
وعاش عثمان مع رقية بنت الرسول سنوات ثم ماتت ، فزوجه - صلى الله عليه وسلم - من أختها أم كلثوم ، وعندما ماتت هي أيضا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو كان عندنا أخرى لزوجناها عثمان " .
وبعد ما يقرب اثني عشر عاماً من توليه الخلافة الدولة الاسلامية بدأت الفتنة تتأجج ويتكالب عليه المتآمرون ، وقبل يوم مقتله رأى عثمان في المنام رسول الله وأبا بكر وعمر يقولون له : اصبر فإنك تفطر عندنا ، وحينما أصبح قام وشدَّ عليه سراويله خشية أن تبدو عورته إذا هو مات أو قتل ، وقال لأهل بيته : إني صائم .
فعاش حييِّاً ومات حييِّاً رضي الله عنه وأرضاه .
ولقد كانت سيرته العطرة على الدوام منها ينتقى مفهوم حياء الرجل حينما يستحي ، وتستحي جوارحه من الله ومن الناس ، بل وأيضا من نفسه .
إلا أن حياء عثمان بن عفان رضي الله عنه ، لم يكن عائقا عن خدمة الدعوة والجهاد في سبيل الله ، في مختلف الأشكال سواء بالمال أو النفس أو قول الحق وإقامة العدل .
وكانت خلافة المسلمين في عهده وخلال الاثني عشر عاماً تشهد توسعاً غير مسبوق في رقعة الإسلام .
وحقيقة إن الحياء صفة إلهية ، حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً " .
والحياء صفة النبي أيضا : فقد كان عليه الصلاة والسلام أشد حياء من العذراء في خدرها .
وبالتالي فيجب أن تكون صفة المؤمنين كذلك .
فعجبا لهذه الشخصية العظيمة التي اشتهرت بالحياء في نفس الحين الذي نرى فيه أن فتيات اليوم بدأن يفتقدن هذا المعنى ، والتي هن لربما أولى به .