صدقة الفطر .. موطن أَلفَة لا فوَّهة نِزاع - محمد عبدالجبار الزبن

برزت في الآونة الأخيرة ومع النصف الثاني من شهر رمضان المبارك، عدة قضايا يتناولها الناس رغبة في معرفة شؤون دينهم، منها: صدقة الفطر، كيف يؤديها الناسُ ولمن يؤدونها. والسؤال عنها أمر جليل، لكن أن يتحول الناس بين طرفيْ نقيض، فهذا مما لا ينبغي أن يكون. لأنّ الطريقَ تسعُنا، والشريعة سمحاء لا شحناء فيها ولا بغضاء.

ومما نعجب له ذلك الخلاف عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، حتى خرجنا عن مقاصد الشريعة والتي من أجلها أقرت الصدقات ومنها: صدقة الفطر، والتي من أسمائها: زكاة الفطر، فتزكو بها النفوس وتتقارب، ويؤدي أحدنا واجبا تجاه الفقير، وتكون كفارة للصائم في شهره الذي مضى، ومحلّ سرور للناس، وشغيرة تنشر الفرحة بين فئة من مجتمع التوادّ والرحمة.


ودائة الإفتاء العام في الأردنّ، حددت القيمة النقدية لصدقة الفطر لمن أراد إخراجها نقدا، وبينت السنة النبوية فيها، وأنّ المقدار النقدي قِيس مقابلا لقيمة مقدار القوت المحدد في السنّة، فمن اراد إخراجها قوتا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم فأجره على الله، ومن سلك مسلك السادة الأحناف في مفهوم النص وتغليب مصلحة الفقير على رايهم فاجره على الله.

فالطريق يسعنا.. والجنة مآل الصالحين فلننبذ الخلاف بيننا، وما نمرّ به من أزمة وجائحة تجعلنا نستيقظ على التعاون بيننا لمصلحة المجتمع، وللقيام بالدور المناط بنا من خلال أرضية الألفة المهيأة في هذا الوطن المعطاء، وإحداث النزاع يجعلنا نفشل فيما لا يُحمد عقباه، لأنه يترتب عليه التباعد والتنافر وهو أمر غير مرغوب بالعموم، وفي أزمة كورونا بالخصوص.

والأمر الذي لا بدّ أن ننتبه إليه، أنّ حاجتنا لبعضنا البعض في التفاف حول علَم وقيادة هذا الوطن حاجة ملحة وضرورة دينية ووطنية بامتياز، وإذا استهلكنا أسبوعين من الزمن بالمناوشات والتغريدات خارج السرب، فسنحمل أنفسنا أعباء فوق طاقاتها، وستؤول بنا إلى خسارات لا نتمناها.

ولعلي لا أهوّل فيما ذكرتُه آنفا، ولكنني أُذكِّر كلَّ حريص على زكاة صيامه، وعلى دوام الألفة بيننا، أن لا تكون صدقة الفطر عنوانا ننطلق من خلالها بالطعن بالآخر.


بل نسترشد بالهدي النبويّ ونتقارب بأدائها على الوجه الذي يراه أحدنا، مع الحق بيان الأحكام الشرعية والآراء الفقهية، بالطرق العلمية الرصينة والحوار الهادئ. ولا ننسى أننا نعيش في حبّ ووئام، فلنسدد ونقارب للخروج من أزمة الجائحة بأحسن ما يكون.. وتقبل الله من الجميع صدقاتهم.