المجتمع المفتوح - تركي بن رشود الشثري

هل بالإمكان الرجوع على مستوى التفكير والاقتصاد والسياسة وتثقيف المجتمعات إلى الأنظمة ذات الأجوبة الجاهزة والحلول المعروفة سلفا مع تجاهل الأسئلة والاستهتار بها؟ هل هناك نظام يعطي الناس اليقين ويلقى جاذبية ويلقى رموزه وعرابيه كاريزما؟ هل ولى زمن الشخصيات المبهرة؟ أعلم أني أسبح في شواطئ الرفاه وأفكر خارج سرب الأحزان وسوداوية الشرق الأوسط لكنه سؤال ملح واستباقي لمنطقة تعاد صيغتها من جديد ويخشى عليها من تجربة المجرب وتكرار المكرور هل ينفع أن ندخل مجتمعا مغلقا ؟
بالنسبة لطور البراءة يبدو أنه ولى ولا يعيده إلا موتة كموتة أهل الكهف يستيقظ الناس بعدها وقد مسحت ذاكرتهم تماماً  ونسوا الحروب الصليبية وحروب أوروبا الدينية ومجازر البوسنة وحروب الخليج وحريق العراق ونزاعات الطوائف والأعراق والإثنيات هل هذا ممكن إلى أي مدى أخذنا النفط والدولار والاحتباس الحراري ونقص الموارد وجنون المادة لقد اعترف الأمريكيون أن قمرة القيادة العالمية شاغرة الآن خصوصا بعد إعلان الحرب على الإرهاب هذه الجملة الخبيثة والتي قسم العالم بعدها بتعبير بوش إلى مع وضد وهم بالأصل مع وضد على أساس المصالح فأي مع وضد يعنيها هذا الأخرق لا أدري ما الذي أوصلني إلى هنا وعلى كل حال لا أستطيع مواراة خوفي من الاختيارات المستقبلية في ظل غياب الرجال الأقوياء والمؤسسات الضخمة ذات التجارب العريضة والثقافة الشعبية الرفيعة والنفوس المستقرة المطمئنة، إننا في الشرق الأوسط نعاني من مرض نفسي كبير، إننا مرضى ونعاني من الاغتراب والاكتئاب، إني أفهم أن يخاف العبقري ولا يستمتع بالحياة كغيره من العفويين لكن أن يفقد رجل الشارع الضحكة الفطرية ويحسب ألف حساب لكل خطوة وتتحرك أفكاره باتجاه المستقبل بشكل متخم بالجزع وانعدام الثقة فهذا الذي يخيفني، أنا خائف من اختيارات الشارع لأن الشارع فاقد الوعي من قبل التظاهرة ومن قبل الصراخ فيكف إذا ارتصت الصفوف وعلت الهتافات؟ أي واقع شرق أوسطي ينتظرنا؟!
لا أعنى ماجرى في الربيع العربي فهو ( لعب عيال ) بل أعنى الاشتباك بين المصالح الكامنة والعقائد المتربصة وانصراف الشأن الدولي لحالة في توقيت قاتل مقصود، إن سقوط آخر المعاقل سيكون مدويا، إن العرب سيستقبلون فوضى ما عرفتها جاهليتهم، لقد تعاقد الفرس والروم على صور مفزعة لمنطقتنا لن نصحو بعدها إلا مجتمعين قسرا؛ فنحن لا نجتمع إلا قسرا عندما يكون الاجتماع هو الحياة والحياة هي الاجتماع لن يكون ذلك إلا بعد ظروف قاسية جدا، تغسل فيها الأرواح والعقول من تراكمات ماض سحيق هو الذي يشكل وعينا الحالي ويتحكم في حركتنا وطرائق تفكيرنا، ولن يكون هذا الاجتماع في إطار مجتمع مغلق أبدا، لن يحكمنا نظام شمولي أبدا؛ ولذلك أطالب كل من يحلم باستلام حزب إسلامي دفة الحكم أن يستريح، لن يحكم الإسلاميون ولا الشموليون على تباين مذاهبهم لن يحضن الناس إلا المجتمع المفتوح، ولن تحكمه المجتمعات المغلقة؛ فهي تزعم امتلاك الحقيقة والحقيقة كما يقرر من أفنوا أعمارهم لا تمتلك؛ وعليه لا بد أن يشوهوا الحقيقة ويزيفوها وسيفعلون، وينطلي الأمر لحظة ولكن ستعقبها لحظات وأسئلة فإلى أي مدى سيستمر التزييف والتشويه، والمسلمون بطبيعتهم وبعد مامر عليهم من تجارب مريرة من الشموليين والمتهتكين والزاعمين للتفتح لن يقبلوا سوى الإسلام الخالي من الأيديولوجيا؛ إسلام محمد بن عبدالله وأبي بكر وعمر، إسلام عمر بن عبدالعزيز؛ سوف يولد عمر بن عبدالعزيز سوف يوجد ،لا انطلق من ثقافة الانتظار والمخلص المنقذ؛ وإنما هو استعارة للمجتمع المفتوح، فالقرآن والسنة يمتلكان الحقيقة بتفسير الرعيل الأول، ولن يعود الناس لهذا المجتمع ويقاربوه إلا بعد الأهوال ،وغسيل الدماغ من آثار الاعلام، والتعليم، والتثقيف العلماني الليبرالي الاسلامي الشمولي الشيوعي ال ال ال ....
لن يصلح هذا الأمر إلا بما صلح به أوله؛
ماكان على: ماكنت عليه وأصحابي عليكم بستني وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي )
لقد انفلت زمام العالم وقمرة القيادة تغازل الخطاب فمن لها ..؟!

 





آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة