باحث فرنسي يحذر من خطورة تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في بلاده

السوسنة - نشر أفكار الأكاديمي والباحث المختص في العلوم السياسية "توما غينوليه" لأسباب من بينها كتابه "الإسلاموفوبيا"، يدلل بما لا يدع مجالاً للشك، على الأرضية الخاطئة التي بدأت تستند إليها المناقشات الدائرة في فرنسا حول المسلمين والمهاجرين.

 
غينوليه الذي كان مرجعاً في يوم من الأيام بهذا البلد، تعرض في وقت سابق إلى ضغوط من وزارة الداخلية الفرنسية بسبب انتقادات وجهها للحكومة عبر برنامجه على إذاعة (RMC)، وقامت الوزارة بإلغاء البرنامج، فيما وصف غينوليه تلك الضغوط بعبارة "ضغوط تُسكّب عرقاً بارداً".
 
ومن أبرز الأسباب التي دفعت بوسائل الإعلام الرئيسية إلى مقاطعة أفكار غينوليه، كتابه الشهير "الإسلاموفوبيا"، والذي عرف فيه هذا المصطلح، بأن المجتمع الفرنسي يخلق تصوراً خاطئاً بحق الأقليات المسلمة في البلاد من خلال تحريف الوقائع والحقائق بشكل لا يمكن استيعابه.
 
وبحسب ما جاء في الكتاب الصادر الشهر الماضي في 288 صفحة، فإنّ الفكر السائد لدى الأغلبية الساحقة التي تنجر وراء الإسلاموفوبيا، هو أنّ المسلمين في فرنسا لم يتمكنوا من الاندماج مع المجتمع، ولا يرغبون في تحقيق ذلك، مضيفاً أنّ هذه الشريحة تشكل السواد الأعظم من المجتمع الفرنسي.
 
وسرد الكاتب معلومات في كتابه، توضح للعيان أنّ الادعاءات التي يروج لها اليمين المتطرف في البلاد حول عدم قدرة المسلمين والمهاجرين من تحقيق الانسجام والادماج مع المجتمع الفرنسي، لاقت تأييداً من أحزاب الوسط خلال الفترة الأخيرة.
 
ورداً على ما سبق، أورد "غينوليه"، في كتابه معلومات توضح أنّ هذه الادعاءات لا تستند إلى وقائع وأبحاث علمية، لأنّ العديد من الأبحاث العلمية تشير إلى أنّ 75 بالمئة من المسلمين في فرنسا، إمّا انصهروا بشكل كامل داخل المجتمع الفرنسي وباتوا كالفرنسيين، أو أنهم حققوا انسجاماً تاماً مع هذا المجتمع.
 
بالإضافة إلى ذلك فإنّ الأبحاث العلمية تشير إلى أنّ 2 بالمئة فقط من المسلمين القاطنين في فرنسا، ينتسبون إلى جمعيات دينية، وفق ما جاء بالكتاب.
 
هذه المعطيات، وفق الباحث الفرنسي غينوليه، تفنّد المزاعم والنظريات التي تقول بأنّ المسلمين شكلوا وحدة دينية فيما بينهم داخل فرنسا. 
 
وقال غينوليه إنّ للإعلام الفرنسي دور كبير في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وذلك من خلال طريقة نقلهم لأخبار العالم الإسلامي، والعناوين المغرضة والصور التي من شأنها خلق انطباع خاطئ ضدّ هذه الشريحة، ويضرب غينوليه مثالاً على ذلك، بذكر مجلة "لوأوبس" التي وضعت صورة لعلم التوحيد الذي يعد رمزاً للعقيدة الإسلامية، وذلك خلال نقلها خبراً عن الجهاديين.
 
واشتكي غينوليه في كتابه من تعمد وسائل الإعلام الفرنسية تجاهل محاسن الدين الإسلامي الذي يدعو أتباعه إلى المساواة بين الذكر والأنثى، ويوضح استناداً إلى أبحاث علمية أنّ 80 بالمئة من مسلمي فرنسا يؤيدون المساواة بين الرجل والمرأة ويدعمون النظام العلماني.
 
وأورد غينوليه في كتابه، أنّ مطالبة العالم الغربي للمسلمين عقب كل عملية إرهابية تحدث في بلدانهم، بالتصريح والتأكيد على أنهم ليسوا على صلة بالعملية، دليل على انتشار فكر الإسلاموفوبيا لدى تلك المجتمعات بشكل متفشّي.
 
فالغرب، وفق الكتاب، يطالب ويصر على إعلان المسلمين رفضهم للعمليات الإرهابية والإفصاح عن عدم تضامنهم مع تلك العمليات، وهذا مظهر من مظاهر الإسلاموفوبيا، برأي غينوليه.
 
وفي إحدى صفحات كتابه قال غينوليه: "النداءات الغربية توحي وكأن المسلمين مكلفين بإثبات براءتهم عقب كل عملية إرهابية، فلا يمكن تفسير النداءات الغربية، إلّا على الشكل التالي، كافة المسلمين متعاطفين مع الإرهابيين إلى أن يصرحوا عكس ذلك، وهذا هو بالضبط، الفكر السائد داخل المجتمع الفرنسي تجاه المسلمين".
 
ودعا غينوليه إلى عدم الاستخفاف بخطورة الفكر السائد لدى المجتمع الفرنسي تجاه المسلمين والمهاجرين، حيث قال في هذا الخصوص: "بالنسبة للفرنسيين، فإن 30 بالمئة من الشعب أصبح مسلماً ومهاجراً، ويظنون بأنهم تعرضوا للاحتلال الإسلامي، مع العلم أنّ عدد المسلمين في فرنسا أقل بكثير ممّا يدعون".
 
كما أفرد غينوليه حيّزا في كتابه لبحث علمي آخر، يُظهر أن 20 بالمئة من الفرنسيين يؤمنون بأنّ الإسلام يعادي النظام الجمهوري، وهو في حالة حرب مع هذا النظام، و20 بالمئة من الفرنسيين أيضاً يعتقدون بأنّ المسلمين لم يتمكنوا من الاندماج مع المجتمع الفرنسي، وأنّ 50 بالمئة من الأسر الفرنسية لا ترغب في تزويج أبنائهم من المسلمين.
 
ولفت غينوليه في كتابه إلى أنّ 10 بالمئة من المسلمين في فرنسا يتعرضون للاعتداء الكلامي، و13 بالمئة منهم يتعرضون للضرب بسبب معتقداتهم الدينية.
 
وقبل أيام، اعتبر مدير "الجمعية الفرنسية لمناهضة الإسلاموفوبيا"، مروان محمد، في مقابلة مع الأناضول، أن تراجع الأعمال المعادية للمسلمين أو ما يعرف بـ "الإسلاموفوبيا" في فرنسا، لم يقلّص أبدا من حجم الظاهرة ولا من استغلالها من قبل بعض الساسة لأغراض انتخابية.
 
 وبحسب معطيات وزارة الداخلية الفرنسية، فإن عدد المسلمين في البلاد يبلغ نحو 5 ملايين شخص (من إجمالي 66 مليون عدد سكان البلاد)، في حين يصل عدد المساجد فيها 2500 يشرف عليها 1800 رجل دين.
اقرأ أيضا
 
مؤسسة بحثية تقترح اعتماد عيد الأضحى عطلة رسمية في فرنسا
 
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة