رحلة الإسراء والمعراج - رياض خليف الشديفات

 رحلة فريدة باهرة عظيمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لبشر عظيم أكرمه الله بها ليصل إلى فضاءات ملكوت الخالق وسعته التي لا يسمح لأحد بالوصول إليها  لقد رأى من آيات ربه الكبرى   لنريه من آياتنا   ولا تستطيع الكلمات البشرية وصفها كونها خارج نطاق القدرة العقلية للبشر، فهي معجزة لا تدركها العقول القاصرة ، ولا يمكن لها أن تدرك حقيقتها  ، والطريق لمعرفتها فقط التسليم بما جاء الخبر الصادق في كتاب ربنا وحديث نبينا صاحب الرحلة ، لكن العقل يمكن له أن يعمل في فهم بعض دلالاتها التي تقع ضمن المنطقة المسموح بها لعمل عقولنا ، ولعل من أبرز دلالاتها ما يتعلق بالمرسل والرسول وصاحب الرسول ودليله في الرحلة وخط سير الرحلة والمشاهدات التي تمت فيها والغاية منها . 

 
أما هذه الرحلة فهي رحلة تكريم وإمتاع وترويح بعد جهد عظيم ومشقة وعنت في تبليغ رسالة رب السماء إلى أهل الأرض الذين ران على قلوبهم وعقولهم التعلق بعالم المادة المحسوس ، وحسبوا أن عقولهم القاصرة هي التي ترسم الطريق في هذه الأرض ، من أجل هذا كانت المعارضة الشرسة ، والمقاومة الشديدة لما يطلب منهم ، وكان التكريم لحامل هذه الرسالة برحلة يتجول فيها في ملكوت الله عز وجل الواسع لتقول له : إذا تخلى أهل الأرض عنك، فأهل  السموات والأرض يرحبون بك ، ترحل ضيفا عزيزا على أهل السماء بصحبة جبريل عليه السلام  ، ترى الأنبياء في بيت المقدس ، ثم تراهم في السموات كل حسب درجته .
 
وفي صحبة جبريل من الدلالة ما يفوق كل وصف لأوصاف الصحبة والرفقة والقدرة ، أنه جبريل ، الروح الأمين ، دليل محمد في رحلته ومعراجه ، أعظم صاحب ، وأرفق صاحب ، شرف لا يعدله شرف ، ليتزود عليه السلام بزاد روحي لا ينفد ليعود من الرحلة أقوى عزيمة وشكيمة في إبلاغ الرسالة ، وفي خط سير الرحلة ما يحرك في النفس والوجدان والشعور كل المعاني الروحية السامية ، فبداية خط سير الرحلة مكة المكرمة باتجاه بيت المقدس خط سير مقدس من مكان مقدس إلى مكان مقدس للدلالة على الروابط الوثيقة بين أرض الله المقدسة وبين رسل الله جميعا الذين التقى بهم ، ثم يواصل خط سير الرحلة بمعراج إلى السموات العلى ،ليكون الربط بين مكة والقدس والسموات ، فمالكها هو الله ، وحاميها هو الله ، وفيه إشارة إلى الناس أن حافظوا على مكة والقدس معاً ، فلا تهنوا في الدفاع عنهما ، ولا تبخلوا في بذل الغالي والرخيص من أجلهما ، ولا بد من التأكيد أن إرادة الله تمسك بكل الخيوط وتقف خلفها لحكمة لا نعلمها ، ومن الآيات الباهرات التي شاهدها في رحلته ما يدل على طلاقة قدرة الله ، وما يدعو الإنسان إلى النظر في ملكوت الله ليزداد قرباً من خالقه ، وتمر علينا ذكرى الإسراء والمعراج هذا العام وحال الأمة في أسوأ حال لتذكرهم بمعاناة الرسول وتكريم  الله لمن يعمل من أجل خير البشرية ورفع المعاناة عنها ، ولن يضيع جهد من يسعى لفك أسر الأقصى قائلين كما قال عليه السلام قبل رحلة الإسراء :  اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا ، وقلة حيلتنا ،000 إلى من تكلنا ؟ إلى بعيد يتجهمنا أم إلى عدو يتملكنا 0000 لك العتبى حتى ترضى ولا حول قوة إلا بك . 
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة