الأزهر: جماعات العنف لطخت الإسلام بألوان الدماء

السوسنة - في حين عدها مراقبون بأنها محاولات جادة من مشيخة الأزهر بالقاهرة للتصدي لُمخططات «داعش» التوسعية في القارة الأفريقية، وتفنيد مزاعم التنظيمات المتطرفة وفي مقدمتهم جماعة «بوكو حرام»، زار شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب على رأس وفد أزهري رفيع المستوى نيجيريا لأول مرة، ودعا الطيب جماعة «بوكو حرام» الإرهابية لإعلان «التوبة».

 

 

وقال الطيب إن جماعات العنف «لطخت» الإسلام بألوان الدماء وصور الأشلاء... وإن بث مناظر قطع الرؤوس على شاشات الفضائيات العالمية «وحشية» لم يعرفها التاريخ. واستصرخ الطيب، الضمير العالمي والمنظمات الدولية والإقليمية وشعوب العالم أجمع إلى التحرك العاجل لمساعدة اللاجئين النازحين جراء الأعمال الإرهابية التي تقوم بها بعض الجماعات المتطرفة، وتوفير أبسط مقومات الحياة الإنسانية لهم.

 

ويرى مراقبون أن أفريقيا تخوض مرحلة جديدة من باب الصراع مع التنظيمات الُمتطرفة وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي، وذلك عقب تصاعد نشاط جماعة بوكو حرام سابقا، في نيجيريا مؤخرا، خصوصا بعد مبايعتها لزعيم «داعش» المزعوم، أبو بكر البغداي، وأطلقت على عناصرها «داعش نيجيريا».

 

في حين أبدت مصادر مطلعة في الأزهر، مخاوفها من سعي «داعش» للتمدد الفترة الُمقبلة في القارة السمراء لتعويض خسائر التنظيم في سوريا والعراق، عقب الهجمات التي يشنها عليه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، موضحة أن «التنظيم يسعى دائما إلى زرع عناصره في أفريقيا، لا سيما في منطقة الساحل وليبيا».

 

والتقى الدكتور الطيب، رئيس مجلس حكماء المسلمين، رئيس نيجيريا محمد بوهاري في القصر الرئاسي في العاصمة أبوجا، وبحثا الجانبان «ُسبل مواجهة الفكر المتطرف». وقال الدكتور الطيب في كلمة للشعوب الأفريقية، إن «بعض الُمنتسبين إلى الإسلام شوهوا محياه الجميل، ولطخوا صورته النقية الراقية بألوان الدماء وصور الأشلاء، وحرصوا على أن يبثوا مناظر قطع الرؤوس على شاشات الفضائيات العالمية في إصرار لافت للنظر وفي وحشية لم يعرف التاريخ لها مثيلا... هذا الإصرار الذي يدل دلالة قاطعة على أن الهدف من هذه البشاعة المتلفزة عالميا، موظف لغرضُمحدد، هو تشويه الإسلام عالميا وتصويره بحسبانه دين عنف ودماء وتوحش».

 

وأضاف الطيب أن «داعش» نبت شيطاني خبيث، بدأ يؤتي ثماره المرة في نشر كراهية الإسلام والمسلمين بين أبناء الديانات الأخرى وعامة الغربيين، الذين صاروا إلى حال من الحيرة لم يعودوا يعرفون معها وجه الحق والصواب. وقالت المصادر في المشيخة، إن «أفريقيا مقبلة على مرحلة جديدة من الصراع مع التنظيمات المتطرفة»، مؤكدة أن هذا الصراع قد يمتد تداعياته لمناطق كثيرة من القارة الأفريقية.

 

 

وأكد الطيب أنه لاُيمكن أن يوصف الإسلام بالعنف والإرهاب والقتل، ومن الظلم البين، بل من الخطأ في الرأي أنُتحاكم الأديان بتجاوزات القلة الجاهلة من أبنائها، من الذين عموا وصموا وضلوا وأضلوا، ومن الأفضل لغير المسلمين أن ينصفوا وينفوا عنه المزاعم الباطلة، وإلا فلن يسلم دين من الأديان الإلهية من تهمة الإرهاب وشن الحروب على الآمنين باسم هذا الدين أو ذاك.

 

وتابع بقوله: ليس صحيحا ماُيقال وما يطبق للأسف الشديد الآن من أن سبب مشروعية القتال في الإسلام هو كفر الآخرين، فهذا كذب محض على الإسلام وعلى سيرة رسول الإسلام... والحق الذي يجب قوله وتتحتم معرفته في هذه القضية هو أن مشروعية قتال الآخر في الإسلام هي رد «الاعتداء والعدوان»، وليس الكفر أو عدم الإسلام أو الخلاف في الدين، وإلا فكيف نصت كل كتب الفقه التي حفظت لنا أحكام الفتوحات على حق بقاء أهل البلاد على أديانهم وتمتعهم بكامل حقوق المواطنة، وتطبيق قاعدة: «لهم ما لنا وعليهم ما علينا»، ولم يحدثنا التاريخ بفتح واحد من فتوحات الإسلام خير المسلمون فيه أهل البلاد بين أمرين: إما الإسلام وإما السيف، وكان الخياران على قدم المساواة لا إكراه فيهما على قبول الإسلام، ولا إرغام على نبذ المسيحية أو اليهودية، لافتا إلى أن «فوضى الاختلاف المنفلت من ضوابط العلم، هو الذي بعث في المسلمين نزعات التكفير والتفسيق والعنف، ومكن قوى متربصة من محاولات العبث بوحدة هذه الأمة».

 

 

ودعا الطيب «بوكو حرام» للتوبة، وتدارك أمرهم، وُمراجعة أنفسهم ليس هنا فقط، بل في جميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أن الإسلام انفرد بتشديد العقوبة في الدنيا والآخرة على من يقتل الناس ويستحل الدماء، فالمسلم لا يجوز أن يقتل ويقاتل الآخر، إلا إذا كان دفاعا عن نفسه، بل إن الإسلام لم يجعل الحدود في يد جماعة أو مجموعة، وإنما حصرها في يد ولي الأمر أو من ينوب عنه من القضاة.

 

و«بوكو حرام»، هي الجماعة الأكثر دموية في أفريقيا، والمسؤولة عن مقتل أكثر من644.6 خلال عام 2014. الذي يعد زيادة قدرها 317 في المائة عن العام الذي سبقه. وكان أول هجوم لـ«بوكو حرام» خارج نيجيريا على المناطق الحدودية لتشاد والكاميرون، وقتل فيه 520 شخصا ضمن 46 هجوما بالكاميرون، وستة أشخاص في تشاد، ثم تضاعفت العمليات ضد البلدان الُمجاورة العام الماضي، حيث قتل 53 على الأقل في سلسلة من الهجمات حتى منتصف عام 2015 فقط.

 

وقالت المصادر في المشيخة، إن تنظيم القاعدة في المغرب مد «بوكو حرام سابقا» بكميات من الأسلحة ُنقلت إليه من ليبيا عبر دول الجوار خصوصا النيجر وتشاد، إضافة إلى ذلك فقد بايعت «بوكو حرام» مؤخرا تنظيم داعش، مما أدى لزيادة قدراتها القتالية أكثر من ذي قبل.

 

 

وأوضح الدكتور الطيب أن الاختلاف سنة كونية وأن العلاقة بين الناس يجب أن تقوم على التعارف، لافتا إلى أن جماعات العنفُتسيء للإسلام؛ بل إن أكثر المتضررين منها هم المسلمون أنفسهم، مشددا على أن «حروب المسلمين كانت دفاعية، لدرء خطر المتربصين بهم على الحدود».

 

 

في السياق ذاته، زار الطيب،ُمخيم اللاجئين بالعاصمة النيجيرية أبوجا، مؤكدا تضامن الأزهر مع النازحين جراء الأعمال الإرهابية التي تقوم بها بعض الجماعات المتطرفة البعيدة كل البعد عن الإسلام. واستصرخ الطيب، الضمير العالمي والمنظمات الدولية والإقليمية وشعوب العالم أجمع إلى التحرك العاجل لمساعدة هؤلاء اللاجئين وتوفير أبسط مقومات الحياة الإنسانية لهم، مؤكدا أن الإنسان في أفريقيا لا يقل بأي حال من الأحوال عن الإنسان في الغرب.الشرق الاوسط

 

 





آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة