نصرته صلى الله عليه وسلم في اتباع شرعه - أخيار بن أعمر سيدي

 لقد حز في نفسي وأنا أقرأ خبرا على صفحة أحد المواقع الالكترونية، مفاده أن شابين في السجن المدني أضربا عن الطعام احتجاجا على الظلم الممارس عليهما من قبل السلطات الموريتانية، فقلت في نفسي- وقبل  إتمام قراءة الخبر – لعلهما من الشباب المدمنين على المخدرات أو المنتمين إلى شبكات اللصوص

المحاربين الذين يمارسون السلب والنهب والقتل العمد العدوان والاغتصاب وترويع الآمنين في كل أرجاء البلاد، بل ربما كانوا من المسيئين للنبي صلى الله عليه وسلم الممزقين للمصحف الشريف، لكني لما أكملت قراءة الخبر فوجئت بأن جريرة الشابين هي رفع راية سوداء في إحدى المظاهرات المنددة بالإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت في نفسي كيف يجرم من رفع رايته صلى الله عليه وسلم انتصارا له واعتزازا به، يا له من تناقض صارخ، رئيس يخرج للتنديد بالإساءة، وشرطة تعتقل من رفع الراية الشريفة.
إن الراية السوداء هي رايته صلى الله عليه وسلم لما ثبت من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه عندما سأله محمد بن القاسم عن راية رسول الله ما كانت؟ فقال: كانت سوداء مربعة من نمرة، قال ابن القيم: وكانت له – يعني رسول الله – راية سوداء يقال لها العقاب.
إن الذي لا يتحمل رؤية راية النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعة لا ترجى منه نصرته، وإن زعم أنه ناصره فهو كذاب.
إن الراية السوداء هي رايته صلى الله عليه وسلم قبل أن تكون راية تنظيم القاعدة، إن الراية السوداء كانت شعارا له صلى الله عليه وسلم’ فمن رفعها تأسيا به فقد أحسن (( لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة..)) سبحان الله ترفرف كل الرايات في سماء بلاد شنقيط، راية أمريكا، وراية فرنسا وراية ابريطانيا،... وراية الأمم المتحدة على الكفر ومحاربة الله ورسوله والمؤمنين، وسعت سماء موريتانيا كل الرايات إلا راية الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، إن هذا لشيء عجاب.
إني لأنصح رئيس الجمهورية – وأرجو أن يكون ممن يحب الناصحين – بأن يعود عودة صادقة إلى الله وتحكيم شرعه في كل حقير وجليل’ وعلى العلماء الصادقين أن يأخذوا على يديه حتى يستجيب لذلك، وليحيوا موقف معاذ بن جبل رضي الله عنه حين جاء فوجد أن رجلا من المسلمين تهود – ارتد عن الإسلام – فقال لا أجلس حتى يقتل، فأمر به فقتل، فعلى من ابتلى من العلماء والفقهاء بالقرب من الرئيس والدخول عليه أن يقولوا: لا نجلس حتى تحكم شرع الله، لا نعود إلى بيوتنا حتى تعلن ذلك للشعب الموريتاني في وسائل الأعلام.
إن تطبيق شرع الله وتنفيذ حدوده هو المنقذ الوحيد لهذا البلد من كل المخاطر التي تحدق به، والكل يعلم أنه قد بلغ السيل الزبى ، فقد شاع القتل والاغتصاب والحرابة والسرقة والنشل، والاعتداء على كل حرمات الله.
ونحن إزاء هذا الواقع إما أن نترك الحبل على الغارب وإما أن نأخذ على أيدي المجرمين، وإذا أخذنا على أيديهم فإما أن نردعهم بزواجرنا أو بزواجر ربنا،  وبالعودة إلى التقسيم والسبر، نقول إن الافتراض الأول باطل لا يقول به عاقل إذ كيف  يٌسيًب المجرمون ويتركون يعبثون ويعيثون في الأرض فسادا دون رقيب أو حسيب؟ّ كما أن الشق الأول من الافتراض الثاني باطل أيضا لأنه لا أحد من المسلمين يعتقد أن زاجره أردع من زاجر ربه، لما في ذلك من استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير، ولما فيه من التقدم بين يدي الله ورسوله، فلم يبق إلا أن زواجر ربنا هي الحاسم لمادة الفساد والإجرام، فهو أعلم بعباده وأدرى بما يصلحهم، فهو الحكيم الخبير.
ولربما قيل إن تطبيق بعض الشرع – كالحدود – دون بعض يضر أكثر مما ينفع، وما علم هذا القائل أن من مقاصد الشرع جلب المصالح أو تكثيرها، ودرء المفاسد أو تقليلها، فهل من الحكمة أن نترك المجرمين يعيثون في الأرض فسادا من غير أن ينالوا جزاءهم، أم من الحكمة أن تنفذ فيهم زواجر الله؟ الأول باطل قطعا شرعا وعقلا ووضعا، والثاني مسلم إذ لا يشك عاقل أن تسييب المجرمين تكثير للمفاسد، ومعاقبتهم بإقامة الحدود عليهم تقليل لتلك المفاسد، وشأن الشارع درء المفاسد أو تقليلها، وهذا منه، فما لا يدرك كله لا يترك كله، (( فاتقوا الله ما استطعتم ))، ولا تجعلوا الخوف من آمريكا أو فرنسا.. عرضة لتعطيل حدود الله، (( إنما ذالكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين )) (( فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمن قليلا ))، لا تغرنكم التمويلات والمشاريع الاقتصادية ودينكم يهدم لبنة لبنة وينقض الإسلام عروة عروة (( وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله))، لا تبيعوا آخرتكم بدنياكم، لا تبيعوا آخرتكم بدنيا غيركم، لا تبيعوا دينكم بعرض من الدنيا.
عليكم ألا تغتروا بما نسمعه من حين لآخر أن الشريعة  مطبقة بل إنها مطوعة لا مطبقة.
لقد جربتم زواجركم فازداد الخرق على الراقع، ولم يبق إلا أن تلتزموا زواجر ربكم ذالكم خير لكم عند بارئكم؛ (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )).
واعلموا أنكم المخاطبون بقوله تعالى (( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون، إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض، والله ولي المتقين)) والخطاب الموجه للنبي خطاب لأمته كما هو معلوم عند العلماء.




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة