الإسلام نظام حياة لا نظام عقوبات - منى النابلسي

 لماذا كلما تفكر العقل المسلم في إقامة دولة الإسلام، اتجه بكليته إلى نظام العقوبات؟؟ لماذا نتجاهل أنها آخر ما نزل من التشريع!! ألا نرى حكمة الله في جعل العقوبة الدنيوية آخر التشريعات؟ لماذا نتغافل عن 6236 آية قرآنية، ذكرت الحدود في عشر آيات!!

لماذا نعتقد أن الله سيغفر لنا جوع المسلمين وشظف عيشهم، ولن يغفر لنا يد سارق لم تقطع؟ لماذا نعتقد أن الله سيغفر لنا تقاعصنا عن حل المشكلات الاقتصادية، وعن شعب يتضور خيبة، بحثا عن فرص عمل شريف، ولن يغفر لنا ترك ظهور من شابوا بانتظار فرصة زواج وعيش كريم دون جلد؟! لماذا نعتقد أن الله سيغفر لنا تعنتنا وسيحاسبنا على شيء من الرحمة، يقتضيها سوء الحال، وقسوة العيش!!
وإذا كنا نخاف الله فعلا، فإنه سبحانه الذي أقر الحدود، أخبرنا على لسان نبيه الذي لا ينطق عن الهوى :(أدرؤوا الحدود بالشبهات، ادرؤوا الحدود ما استطعتم، لئن يخطئ الإمام بالعفو أهون من أن يخطئ في العقوبة) حديث صحيح.
وأخيرا، فإن نظام العقوبات في الإسلام هو أبرز نقطة خلاف بين القانون الوضعي القائم، والقانون الشرعي، وفي هذا الزمن الذي اختلف فيه الناس على كل شيء، ألسنا بحاجة إلى الحكمة المتمثلة بقوله تعالى:(تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا)، نحن بحاجة إلى الالتفاف حول ما يجمعنا لا ما يفرقنا، وليس هذا تقليلا من قدر إقامة حدود الله سبحانه، ولكن لأننا في زمن الفتن، ومن الأولى أن نؤلف بين قلوب المؤمنين، وأن نجادلهم بالتي هي أحسن، وهذا لا يتنافى مع فرض هيبة الدولة على الخارجين عليها، فلا ننكر نظام العقوبات، ولكن لنلتمس الحكمة من جعله من أواخر ما نزل من التشريع.
أسأل الله لي ولكم الهدى والسداد.
 
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة