التجارة مع غير المسلمين وأهل الذمة - د. أمين بن عبدالله الشقاوي

 • التقيد بالأنظمة.

 

 

• البيع والشراء فيما لا يحل.

 

اتفق الفقهاء على أن عقد البيع لا أثر لاختلاف الدين في صحته أو عدم صحته إذا ما تكاملت شروطه وأركانه، فلا فرق بين أن يبيع مسلم لمسلم، أو يبيع مسلم لكافر، أو كافر لمسلم[1]، والأدلة على ذلك كثيرة:

1- قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 275]. وجه الدلالة: أن الآية بينت حل البيع وحرمة الربا، وهي عامة لم تفرق بين المسلم مع المسلم، أو مع الكافر.

 

2- روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: اشْتَرَى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ[2].

 

قال النووي في شرحه للحديث: (أجمع المسلمون على جواز معاملة أهل الذمة وغيرهم من الكفار إذا لم يتحقق تحريم ما معه، لكن لا يجوز للمسلم أن يبيع أهل الحرب سلاحاً أو آلة حرب) [3].

 

3- روى البخاري من حديث عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما قال:كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،ثُمَّجَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّصلى الله عليه وسلم:بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً، أَوْ قَالَ أَمْ هِبَةً، قَالَ: لَا، بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً[4].

 

"فالحديث يدل دلالة واضحة على جواز البيع والشراء من غير المسلمين، وإثبات ملكهم على ما في أيديهم"[5]، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يباشر بنفسه البيع والشراء معهم.

 

والإشكال هنا، إذا كانت تجارة المسلم تخضع لقوانين تلك الدول، وهذه القوانين فيها مخالفات شرعية، مثل أن يلزم بفتح المحل وقت الصلاة وعدم التوقف وقتها، أو بتوظيف النساء في المؤسسة أو غيرها من المخالفات، ففي هذه الحالة يلزمه عدم الاستجابة لهذه المطالب التي تشتمل على المخالفات السابقة، أو إذا كانت القوانين تلزمه ببيع بعض المحرمات من المأكولات أو المشروبات أو غيرها، فيقال في هذه ما يقال في السابق.

 

• جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، سائل يسأل: عن حكم مشاركة الكفار في الأعمال التجارية؟

 

الجواب: تجوز مشاركتهم في الأعمال التجارية المباحة إذا أمن من يشاركهم من المسلمين غشهم وتعاملهم بما حرم الله من الربا، والقمار، والغرر ونحو ذلك، ولكن ترك مشاركتهم في التجارة خير وأولى، بعداً عن موارد الريبة ومواقع التهم والظنون والخطر[6].

 

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

 

"الألوكة"