ما حكم الانتفاع من مال النفقة المخصص للأولاد

السوسنة - تعتبر النفقة على الأولاد بعد الطلاق واجبة على الأب، وتشمل تكاليف الأكل والشرب والسكن واللباس والتعليم، وغيرها، وبحسب حال الأب يسراً وعسراً، على ألا تقل النفقة عند الإعسار عن قدر الكفاية، ولكن أحيانا تعود السيدة المطلقة للسكن مع عائلتها برفقة اولادها، وقد تشارك بمصروف البيت، من المال المخصص للأولاد، فما حكم ذلك في الشريعة؟

أجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي عن هذا السؤال، وأوضحت حكم الانتفاع من مال المحضون، وتاليا نص الإجابة:

"الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل أن نفقة المحضون في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال فنفقته على والده أو من ناب عنه، قال الإمام زكريا الأنصاري رحمه الله: "ومؤنة الحضانة في ماله ثم على الأب؛ لأنها من أسباب الكفالة كالنفقة فتجب على من تلزمه نفقته". [أسنى المطالب في شرح روض الطالب 3 /447].

جاء في قانون الأحوال الشخصية الأردني لعام (2010م) في المادة (189): "أنه يُراعى حال الأب يسراً وعسراً عند تقدير النفقة، على أن لا تقل عن حد الكفاية".

وتشمل النفقة نفقة التعليم، والمأكل والملبس والمسكن وسائر أسباب المعيشة كما يليق بحالهم وبحسب حال الأب يسراً وعسراً، على ألا تقل النفقة عند الإعسار عن قدر الكفاية، فتقدر بما تندفع به الحاجة.

فالحاضن يراعي مصلحة المحضون في إدارة نفقاته، فلا ينفق من مال المحضون إلا في مصالحه، ولكن إن كان المحضون يسكن مع والدته وأخوته أو أحد أقاربه فيمكن حينها أن نأخذ من ماله الخاص ليساهم في نفقات البيت عند الضرورة مع بقية سكان البيت مع مراعاة أن يكون المبلغ المقتطع بحسب الحاجة الفعلية للمحضون، وذلك كمشاركته ومساهمته في دفع ما يترتب على البيت من ثمن فواتير ماء أو كهرباء وغيرها مما لا غنى له عنها، خاصة إن كان في مشاركة الصغير مع من يقيم معهم توفيراً لماله فيما لو تم الانفاق عليه من ماله بشكل مستقل، فقد أجاز الفقهاء خلط الولي لمال الصغير إن كان أحظ للصغير، أما الأخذ من ماله بغير وجه حق أو زيادة عن حاجات الصغير بحيث ينفق من ماله على من يسكن معهم ويوفر من مالهم فهذا محرم شرعاً وأكل لماله بغير وجه حق، قال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188].

فقد أخرج ابن ماجه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا أجد شيئا وليس لي مال، ولي يتيم له مال، قال صلى الله عليه وسلم: (كل من مال يتيمك، غير مسرف ولا متأثل مالا - قال: وأحسبه قال: - ولا تقي مالك بماله)، قال الله تعالى: {وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} أي من كان منكم غنياً أيها الأولياء فليعف عن مال اليتيم ولا يأخذ أجراً على وصايته، {وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} أي ومن كان فقيراً فليأخذ بقدر حاجته الضرورية وبقدر أجرة عمله.

وجاء في [مغني المحتاج 3/ 156] من كتب الشافعية: "وللولي خلط ماله بمال الصبي ومواكلته للارتفاق إذا كان للصبي فيه حظ، قال تعالى {وإن تخالطوهم فإخوانكم} [البقرة: 220] وإلا امتنع، قال تعالى {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} [الأنعام: 152]".

وعليه؛ فالأصل أن ينفق من مال الصغير على مصالحة الخاصة به، ولا بأس في أن يدفع من ماله كمساهمة في نفقات البيت الذي يقيم فيه على أن يراعى أن تكون المساهمة بقدر حاجات الصغير فقط ودون مبالغة في ذلك، وحينها لا حرج على من يسكن مع الصغير من الأكل من الأطعمة التي ساهم الصغير في شرائها. والله تعالى أعلم".