قرار قضائي أوروبي بمنع النساء المحجبات من دخول أماكن العمل

السوسنة - أصدرت محكمة كبرى في الاتحاد الأوروبي قراراً بمنع النساء المحجبات من دخول أماكن العمل، مبررة أن هذا القرار لا يُشكل تمييزاً إذا كان جزءاً من قيود أوسع تُطبّق على جميع العمال. وانتقد نشطاء حقوقيون القرار ووصفه بعضهم بانتهاك "حرية الاختيار والتعبير والمعتقد واستقلالية (المرأة) الجسدية".
وتُشير محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي (CJEU) إلى قضية امرأة قدّمت شكوى إلى المحكمة على شركة لرفضها طلباً لها من أجل الحصول على تدريب داخلي بعد أن رفضت خلع حجابها امتثالاً لسياسة الشركة. وهذه ليست إلا أحدث حلقة في سلسلة من الأحكام والقوانين المثيرة للجدل التي تصدرها محاكم الاتحاد الاوروبي والتي يقول مسلمو أوروبا إنها تمييز ضدهم.
فيما تقول الشركة إن لديها قاعدة حيادية تعني عدم السماح بغطاء الرأس، سواء كان ذلك من خلال قبعة صغيرة أو أغطية للرأس أو الحجاب. رفعت المرأة القضية إلى محكمة العمل البلجيكية، التي طلبت بدورها رأي محكمة العدل الأوروبية.
وقال القضاة: "إن القاعدة الداخلية التي تحظر ارتداء العلامات الدينية أو الفلسفية أو الروحية لا تشكل تمييزاً مباشراً إذا طُبّقت على جميع العمال بطريقة عامة وغير متمايزة".
لكن نشطاء حقوقيين وخبراء قانونيين ذكروا ثغرات في حجّة المحكمة بشأن "الحياد". وطبقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإنّ منطق الحياد "سبق استخدامه لتبرير حظر مماثل في القطاع العام وهذا المنطق يوسّع من الحظر ليشمل القطاع الخاص، ويفتح الباب أمام تمييز واسع النطاق في التوظيف".
وكتبت الباحثة البارزة في هيومن رايتس ووتش، هيلاري مارغوليس، في يونيو/حزيران من العام الماضي في أثناء ردّها على أحكام مشابهة كانت تنظر فيها المحاكم الألمانية: "إنّ منطق المحكمة القائل إن السماح بالزيّ الديني يمكن أن يضرّ بقدرة الشركة على العمل يعتمد على منطق خاطئ مفاده أن اعتراضات العميل على الموظفين الذين يرتدون الزيّ الديني يمكن أن يكون مشروعاً ومقدّماً على حقوق الموظفين".
في حكمها الأخير، تنصّ محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي على أنه يجب معاملة "الدين والمعتقد" كأساس للتمييز من أجل تجنّب تقويض المبدأ العام المنصوص عليه في قانون الاتحاد الأوروبي للمعاملة المتساوية في التوظيف والمهن.
ولكن مثل هذه القرارات القانونية المُشار إليها سابقاً، قد أثّرت بالفعل في آلاف النساء المسلمات في جميع أنحاء أوروبا.
في الصيف الماضي، أصدرت المحكمة الإدارية العليا في البلاد قراراً تؤيد فيه حظراً قائماً على ارتداء النساء للبوركيني، وهو لباس السباحة المكوّن من قطعة واحدة تغطي الجسم بالكامل، في حمامات السباحة العامة.
وشجّع حكم محكمة فرنسية آخر صدر في 2014، يحظر تغطية الوجه، الشرطة على تغريم 600 امرأة مسلمة في غضون ثلاث سنوات. وقد أيّدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الحكم.
و تُحدد محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي أن التزام الحياد قد ينتهي بهؤلاء "الذين يلتزمون ديناً أو معتقداً معيّناً في وضع غير مؤات بشكل خاص". في مثل هذه الحالات، تترك وحدة القضاء على التمييز العنصري مسؤولية تحقيق العدالة للمحاكم المحلية.
ويذكر أنه في السنوات الأخيرة، كانت الدول المسيحية بشكل رئيسي، وخاصة في أوروبا، مشاكل مع ارتداء النساء للحجاب والنقاب، الذي يُنظر إليه اليوم على أنه شكل من أشكال الإسلام.
اعتبارًا من 11 أبريل 2011، أصبح من غير القانوني ارتداء حجاب يغطي الوجه أو أقنعة أخرى في الأماكن العامة. لا يسري هذا القانون على الحجاب، والأوشحة وغيرها من أغطية الرأس التي لا تغطي الوجه. ويفرض القانون غرامة تصل إلى 150 يورو، أو المشاركة في تعليم المواطنة لأولئك الذين ينتهكون القانون.