قصص بطولية للصحابي علي بن أبي طالب

السوسنة - أبو الحسن علي بن أبي طالب الهاشميّ القُرشي، ابن عم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويرجع نسبه إلى النبي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وصهره، ومن آل بيته، ومن اصحابه.أول من أسلم من الفتية، وأحد العشرة المُبشرين بالجنة، ورابع الخلفاء الراشدين.

وُلد علي بن أبي طالب في مكة بتاريخ 17 آذار/مارس عام 599م ، أمه هي فاطمة بنت أسد بن هاشم، وتكفلّ أبو طالب وزوجته فاطمة بالرسول وهو صغير بعد وفاة والداه، وبحسب كتاب المُستدرك للحاكم النيسابوري فإن علي بن أبي طالب وُلد في جوف الكعبة.


نشأته وإسلامه - كرم الله وجهه-:
عندما بلغ علي السادسة من عمره، كانت مكة تُعاني من سنين عُسرة وضيق، وقد كان لأبي طالب ثلاثة ابناء: علي، وجعفر، وعقيل، فعَرض عليه الرسول أن يأخذ عليّ ويَكفله ويُربيه تقليلاً من العبء على أبي طالب، وكذلك فعل العباس عمّ الرسول، فأخذ الرسول عليّ، وأخذ العباس جعفر، فنشأ علي في بيت الرسول، وكان يُلازمه أينما ذهب، وفي بعض المصادر ذُكر أن علي كان يذهب مع الرسول إلى غار حراء للتعبد والصلاة، ويُذكر أن عليّ لم يسجد لصنم، لهذا يُقال بعد ذكر إسمه "كرم الله وجهه".

وبعد أن دَعا الرسول أقاربه من بني هاشم للإسلام، أسلم علي وكان آنذاك صغيراً في السن، ومن هذا الأمر صار علياً من أوائل الذين دخلوا الإسلام، وأول من أسلم من الفتيان، وبحسب ابن إسحاق فإن علي أول من أسلم من الرجال.
أبرز ملامح سيرة عليّ بن أبي طالب.

لم يُهاجر علي بن أبي طالب إلى الحبشة، وقاسى مع الرسول مُقاطعة وحصار قُريش لبني هاشم في مكان يُسمى شعب أبي طالب.

ذهب مع الرسول للطائف لنشر دعوته، وبقيّ علي مع الرسول في مكة حتى تَقررت الهجرة إلى المدينة.

إفتدى الرسول بروحه، عندما نام في فراش الرسول بعد تآمر سادات قريش على الرسول واتفاقهم على قتله، وكان ذلك في ليلة الهجرة إلى المدينة.

هاجر علي للمدينة وهو في سن الثانية والعشرين من العمر، وبعد وصول الرسول إلى المدينة ومؤاخاة المهاجرين والأنصار، آخى الرسول بينه وبين علي، وقال:«أنت أخي في الدنيا والآخرة».

في السنة الثانية من الهجرة تزوج علي من فاطمة بنت الرسول، وفي السنتين الثالثة والرابعة، وُلد لعلي وفاطمة الحسن والحسين.


كان عليّ أحد كُتّاب الوحي الذين يكتبون ويُدونون القرآن في حياة الرسول، وكان أحد سُفراء الرسول لدعوة القبائل للدخول في الإسلام.

وكان الرسول يستشيره في الكثير من الأمور العامة، وشهد بيعة الرضوان وقام بأمر الرسول فدوّن وثيقة الصلح واشهده الرسول عليها.

بعث بهِ الرسول إلى اليمن لدعوة أهلها للإسلام، فأسلمت على يديه قبيلة همدان كلّها، وبعد ذلك وفي سنة 8 هـ ولّاه الرسول على قضاء اليمن بسبب عدل حُكمه في القضاء، وقد ساهم في حل النزاعات بين بعض القبائل.

شهد علي غزوات ومعارك الرسول، الّا غزوة تبوك، فقد استخلفه فيها على المدينة، وقال له الرسول:«أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي».

تسلّم من الرسول الراية في الكثير من المعارك، كغزوة خيبر، التي هزم عليٌ فيها فارس اليهود مرحب.

أخذ عليّ من الرسول سيف في غزوة أحد، وهذا السيف عُرف فيما بعد بـ "ذو الفقار"، كما اُهدي إليه من الرسول درعاً تعرف بالحطمية، لكثرة السيوف التي تحطمت عليها.

كان لعلي دور كبير في عهود الخلفاء الراشدين(أبو بكر، عمر، عثمان)، وكانوا يستشيرونه في كثير من الأمور والمسائل.

بعد وفاة أبي بكر الصديق، تزوج علي من زوجته أسماء بنت عميس، وتكفل علي بإبنها محمد بن أبي بكر، فنشأ في بيته وتربى على يده.
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، كان عليّ قاضياً في المدينة، وكان عمر يستشير علي في كثير من الأمور الفقهية والقضايا السياسية، ويعمل بآراء علي، كإستخدام التقويم الهجري كما ورد في تاريخ الطبري.

بعد وفاة عمر بن الخطاب، قام بترشيح ستة أسماء للخلافة وكان عليّ من المُرشحين.
عندما حدثت الفتنة الأولى في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان، وجاءت حشود الناس من مصر والكوفة والبصرة، يُطالبون بعزل عثمان، صار علي وسيطاً بين الناس وعثمان؛ يستمع إليهم وينقل مطالبهم لعثمان ويُناقشه حول تلك المطالب،

ومع مرور الأيام واشتداد حصار الناس لعثمان في منزله، طلب علي قتالهم، ولكن عثمان رفض حتى لا يُراق دم المسلمين بسببه، وبعد أربعين يوم من الحصار، استطاع الناس إقتحام منزل عثمان وقتله، حسبما ورد في تاريخ إبن خلدون.

بعد إغتيال عثمان بن عفان، بويع علي بن أبي طالب خليفةً للمسلمين، في سنة 35 من الهجرة، ويُروى أنه كان لا يُريد الخلافة واقترح أن يكون مُستشاراً، ولكن الصحابة حاولوا إقناعه بسبب تأييد المسلمين له.

أول من بايع علي بن أبي طالب، كان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام.

تسلّم علي الخلافة، في وقت كانت حدود الدولة تمتد من المرتفعات الإيرانية شرقاً، إلى مصر غرباً، ومنذ اللحظة الأولى من خلافته أعلن بأنه سيُطبق العدل والمساواة بين الجميع.

بعد عام من خلافته، أمر بعزل ولاة الأمصار، وقام بتعيين آخرين، فقد عيّن حنيف الأنصاري والياً على البصرة بدلاً من عبدالله بن عامر، وأرسل عمارة بن شهاب والياً على الكوفة مكان أبي موسى الأشعري، وعيّن عبيدالله بن عباس والياً على اليمن بدلاً من يعلى بن مُنبه، وأرسل قيس بن سعد والياً لمصر بدلاً عن عبدالله بن سعد.

لم تحدث فتوحات في عهد علي بن أبي طالب، ولكن هُناك الكثير من الأعمال والتطورات الحضارية والمدنية التي حدثت أثناء توليه الخلافة، كتنظيم الشرطة، وفتح مراكز لخدمة الناس، مثل دار المظالم ومربد الضوال، وازدهرت مدينة الكوفة في عهده، وتم بناء مدارس الفقه فيها، وقد اوعز علي إلى أبو الاسود الدؤلي لتشكيل حروف القرآن.

بعد أربعة أعوام من تسلّم علي الخلافة، حدثت معركة النهروان سنة 659م، التي قاتل فيها الخوارج.

وفاة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه :

أثناء صلاة الفجر في مسجد الكوفة، ضربه عبدالرحمن بن مُلجم بسيف مسموم على رأسه، وتوفي بعد ذلك الحادث بثلاثة أيام، في ليلة 21 من شهر رمضان سنة 40 هـ، عن عمر 64 عاماً.