دعوة زيد بن نوفل لابنه سعيد

السوسنة - كان زيد بن نوفل رجلا باحثا عن الحق ، وسافر من أجل ذلك وطاف البلدان ، حتى أخبره راهبا في ذات مرة أن الحق سيكون فى بلده ، ولكنه مات وهو في الطريق عائدا إلى مكة ، ودعا قبل موته لابنه سعيد أن يبلغ هذا الخير العظيم   واستجاب الله له .

 فالصحابى الجليل سعيد بن زيد - رضى الله عنه - أسلم بعدما قام الرسول - صلى الله عليه وسلم -  يدعو الناس ، حتى كان في طليعة من آمنوا بالله و صدقوا رسالة النبي .

 ونشأ سعيد في بيت كان يستنكر على قريش ضلالهم ، ورباه أب عاش حياته باحثا عن الحق ، ومات وهو يركض وراءه أيضا .


ولم يسلم سعيد وحده ، بل وأسلمت زوجته فاطمة بنت الخطاب معه ، لهذا لقي أذى كبيرا من قومه ، وما فتنه ذلك عن دينه أبدا ، بل استطاع هو وزوجه أن ينتزعا من قريش رجلاً من أثقل رجالها وزنا وأجلهم خطرا إلى جانب صفوف الإسلام ، حيث كان وفاطمة السبب في إسلام عمر بن الخطاب .

فقد وضع سعيد بن زيد كل طاقته من أجل خدمة الإسلام ، حيث أنه أسلم ولم يكن يتجاوز عمره العشرين .

وحضر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشاهد كلها إلا بدرا ، وما غاب عنها إلا لأنه كان يقوم بمهمة كلفه بها النبي ، وقد كان له مساهمة وأثر مع جموع المسلمين في استلال عرش كسرى ، وتقويض ملك قيصر .

وكانت له مواقف مشهودة في كل غزوة غزاها مع الرسول  ، ومن أروع بطولاته تلك التي سجلها يوم اليرموك .

حيث أنه لما كان يوم اليرموك كان جموع جيش الصحابة أربعة وعشرين ألفا تقريبا ، وخرجت الروم لمقابلتهم بمائة وعشرين ألفا وقد أقبلوا على المسلمين بخطى ثقيلة  كأنهم الجبال ، وسار أمام جيشهم الأساقفة والبطارقة والقسِّيسون وقد كانوا يحملون الصلبان ويجهرون بالصلوات ثم يرددها الجيش من ورائهم ، وكان لوطئتهم هزيم كهزيم الرعد .

ولما رأى المسلمون حالهم هذه وكثرت عددهم وعتادهم ، خالط قلوبهم شيء من الخوف . فقام أبو عبيدة بن الجراح يحض المسلمين ويشجعهم على القتال ، ويلقنهم أن انصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ، وأن يصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر ورضا للرب ودحر للعار ، ثم أمرهم أن يشرعوا رماحهم ويستتروا بالتروس ، ويلزموا الصمت إلا من ذكر الله في سرائر أنفسهم ، حتى يأمرهم هو .

وعند ذلك خرج رجل من بين صفوف المسلمين ، موجها كلامه لأبي عبيدة : إني أزمعت على أن أقضي أمري الساعة فهل لك من رسالة تبعث بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأجابه أبو عبيدة : بنعم ، تقرئه منا ومن جموع المسلمين السلام وتقول له : يا رسول الله إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً .


وما إن سمع سعيد بن زيد الكلام ذاك ، حتى ذهب واقتحم الأرض وجثى على ركبتيه و أشرع رمحه ليصيب به أول فارس رومي قد أقبل ، ثم وثب على العدو وكان الله قد انتزع كل ما في قلبه من خوف ، وثار بعدها جيش الإسلام في وجه الروم ، وقاتلوهم حتى كتب الله النصر لعباده .

وكان لسعيد بن زيد بصمات ناصعة ، وبشره رسول الله بالجنة ، فرضي الله عنه وأرضاه . 
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة