قصة أصحاب السبت

السوسنة - قصة أصحاب السبت، قصة من قصص القرآن الكريم التي حدثت في جماعة من بني إسرائيل ، وقد قصها الله تعالى  في كثير من المواضع في القرآن الكريم لأخذ العبرة والفائدة، قال تعالى: "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ" البقرة:65، 66

الروايات المختلفة حول مكان وزمان القصة:
تحدث الكثير من الرواة عن زمان ومكان هذه القصة وقد أخبر الكثير منهم أنها حدثت في بلاد الشام، وفي عهد نبي الله داوود عليه السلام، إلا أن القرآن الكريم لم يذكر أيا من هذه التفاصيل، بل ركز على وصف أحداث القصة وجوها العام.
وقد ورد هذا الوصف البليغ الموجز في خمس آيات من سورة الأعراف وهي الآيات من 163 إلى 167.


 قال تعالى: "واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ(163) وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ(165) فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ(166) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ" .

تفاصيل القصة:
 - المكان: قرية على ساحل البحر سكانها من بني إسرائيل. 
- الزمان: يوم السبت، وهو يوم خاص لبني إسرائيل يتفرغون فيه للعبادة، ويحرم عليهم أن يقوموا بأي عمل آخر فيه، وهذا من التشديد عليهم، لأن الله أمرهم بتعظيم يوم الجمعة كما أمر المسلمين، إلا أنهم لم يطيعوا الله، وأصروا على تعظيم يوم السبت بدلاً من الجمعة، فصرفهم الله إلى تعظيم يوم السبت، وجعله خالصاً للعبادة، وحرم عليهم العمل فيه، وفي الواقع فإن هناك أمراً مشابهاً لهذا في عقيدتنا كمسلمين، فقد أمرنا الله بترك جميع مشاغل الدنيا إذا أُذِّن لصلاة الجمعة، قال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ" إلا أننا كمسلمين لم نأمر بالانصراف عن الأعمال الدنيوية إلا في هذا الوقت المحدد من يوم الجمعة فقط، أما بنو إسرائيل فقد أمروا بجعل يوم السبت كاملاً يوماً للتفرغ للعبادة.
- الحدث المميز: كانت الأسماك تأتي إلى شواطئ القرية بكثرة يوم السبت، ولا تأتي في بقية الأيام، وكان هذا اختباراً لهم من الله. 
- فكرة شيطانية: استمر بنو اسرائيل على هذا الحال فترة من الزمن، حتى أنهم اشتهوا لحم الأسماك، إلا أنهم لم يكونوا ليخالفوا أمر الله ويصطادوا يوم السبت، إلى أن خطر ببال أحد الصيادين أن يضع الشباك والفخاخ للأسماك يوم السبت، ويبقيها في الماء، بتثبيت الخيط أو الشبكة التي اصطادها بها بوتد مغروس في الأرض، ثم يسحبها من الماء يوم الأحد فيصطادها.

- انقسام الناس إلى ثلاثة فرق:
 عندما علم الناس أن هناك من يفعل هذا، انقسموا إلى ثلاث فرق:
- فريق أعجبوا بالفكرة وأخذوا يطبقونها وينشرونها بينهم.
- وفريق نظروا إلى المخالفين، وعلموا أن ما يفعلونه محرم فلم يفعلوا مثلهم، ولكنهم قرروا أن لا يتدخلوا في الأمر فلم ينهوهم عن فعلهم هذا، بل وأنكروا على من ينهى عن هذا الفعل، وقالوا: " لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا". 
- وفريق عرفوا أن ما يفعله المخالفون محرم فأنكروه ونهوهم عنه، ليبرؤوا أنفسهم من هذا الذنب بالكامل.

- العقوبة:
أمهل الله المذنبين فترة من الزمن ليتوبوا عن ذنبهم، ولكنهم تمادوا أكثر فأكثر، وأخذ هذا الأمر ينتشر بينهم، فكلما نظر أحدهم إلى من يصطاد بهذه الطريقة، وكيف أنه لم يعاقب على فعلته ولم يحل عليه غضب الله، تشجع ليفعل مثله، حتى انتشر هذا الحال بينهم وأصبحوا يبيعون الأسماك في الأسواق غير آبهين بنصح من ينهاهم ويحذرهم.
وعندها حل عليهم غضب الله ومسخوا جميعاً ليصبحوا قردة، وهناك من يقول أن القردة الموجودة اليوم من نسلهم، ولكن هذا غير صحيح، فقد جاء عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال: " لم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام ولم يأكل هؤلاء ولم يشربوا ولم ينسلوا".


والعجيب في آية العقاب، أن الله لم يستثنِ من العقاب إلا المؤمنين الذين نهوا عن هذا الفعل، " فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ"
وهنا اختلف أهل العلم في مصير الفريق الذي لم يقترف المعصية ولم ينه عن المنكر، فقال البعض أنهم مسخوا مع من كان يصطاد يوم السبت، وأما القول الراجح أنهم نجوا لإنكارهم المنكر وعدم اقترافهم الذنب، ولكن الآية أظهرت مصير من نهوا عن المنكر وأكدت على نجاتهم لتنبهنا إلى رضى الله عن فعلهم، ليكونوا قدوة لنا.  

المصادر:
اسلام ويب 
الموقع الرسمي للشيخ محمد صالح المنجد