الضرب التأديبي للأطفال في الإسلام .. شروطه وضوابطه

السوسنة - الضرب التأديبي عملية منظمة ذات هدف واضح، محكومة بعدة ضوابط تجعلها تحقق الهدف منها وتبعدها عن أن تكون عملاً انتقامياً يفرغ فيه المربي غضبه على الطفل، ولذا فهي ليست مجرد ردة فعل عفوية من المربي، بل هي عمل يحتاج إلى تخطيط ليحقق الغاية والفائدة المرجوة منه، والضرب على العموم مكروه ومرفوض فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ، ولا امرأة ، ولا خادم ، إلا أن يجاهد في سبيل الله .. " وهذا من حسن سيرته صلى الله عليه وسلم، وكمال أخلاقه، ولذلك وجب علينا أن نحذر عندما نضرب أولادنا، ونحرص كل الحرص على أن يكون ضربنا ضرباً تأديبياً، وأن لا نلجأ إليه إلا إذا جربنا كل سبل العقاب الأخرى ولم نحصل على نتيجة، ومن شروط وضوابط الضرب التي تجعله وسيلة جائزة لتأديب الأطفال:


أولًا - العمر والتمييز:
فلا يجوز ضرب الصغير غير المميز، ولا يجوز كذلك ضرب الطفل دون أن يعرف السبب الذي يضرب لأجله بالتحديد، لأن هذا لن يحقق هدف التأديب، فما دام الطفل لا يعرف السبب الذي ضرب لأجله فهذا معناه أنه لن يحصل منه أي تغيير أو تعديل في سلوكه، لذا وجب على المربي قبل أن يعاقب الطفل بالضرب أن يوضح له التصرف السيء الذي قام به والذي سيضرب لأجله، والضرر الذي يسببه هذا التصرف. 

ثانيًا - عدد الضربات:
لا يجوز أن يتعدى عدد الضربات بهدف التأديب العشر ضربات، فقد حدد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحد الأعلى للضرب بعشر ضربات على الإطلاق، إلا أن يكون حداً من حدود الله الواضحة (كحد الزنى أو قذف المحصنات)، فعن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبي بردة بن نيار رضي الله عنه قال: كان النبي الله عليه وسلم يقول: "لا يُجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله" رواه الجماعة إلا النسائي
بل إن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حدد الحد لضرب المعلمين لطلابهم في المدارس بثلاث ضربات، فكان يبعث إلى المدن والأمصار بأن لا يضرب المعلم غلمانه للتأديب أكثر من ثلاث ضربات حتى لا يخافوا، وهذا لأن الهدف من التأديب ليس الردع بالتخويف، والتسبب في عقدة نفسية للطفل، وإنما معرفة الطفل بخطأ ما يفعل، وحمله على تعديل سلوكه الخاطيء.

ثالثًا- مواصفات الأداة التي تستخدم في الضرب:
1- أن لا تكون كبيرة (فطولها يجب أن يكون بين القضيب والعصا)
2- إن كانت عصا خشبية وجب أن تكون متوسطة الرطوبة، إذ إنها تكون أثقل وأشد إيلامًا إن زادت رطوبتها، وتصبح خفيفة جداً وغير مؤثرة إن كانت عودًا جافًا، والهدف من هذا أن يكون الضرب بها مؤلمًا ليحصل به التأديب، ولكن في نفس الوقت أن لا تؤذي الجسد لأن هذا الضرب يجب أن لا يكون نوعاً من التعذيب وإنما هو للتأديب فقط.
فعن زيد بن أسلم : أن رجلا اعترف بنفسه بالزنى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط فأتي بسوط مكسور فقال : (فوق ذلك) فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته فقال : (بين هذين) فأتي بسوط قد لان وركب به فأمر به فجلد". رواه ملك في الموطأ ، فإن كان ذلك مع شخص ارتكب جريمة وتعدى حداً من حدود الله فكيف بالطفل الصغير؟!


رابعًا - طريقة الضرب:
1- أن يكون متفرقاً بحيث لا تتتابع الضربات على مكان واحد.
2- أن يكون بين الضربات زمن يخف به ألم الضربة السابقة. 
3- أن لا يرفع الضارب يده كثيراً حتى لا تزداد شدة الضربة.

خامسًا - مكان الضرب:
يمنع الضرب على الأعضاء الحساسة من الجسم كالوجه والرأس والفرج.

سادسًا - لا يجوز الضرب عند الغضب:
لأن الغاضب سيتعدى كل ما سبق من الشروط، ولن يلتزم بها، ولذا سيكون ضربه أبعد ما يكون عن الضرب التأديبي، ولن يحقق الهدف المرجو منه، بل سيكون انتقاماً بحتاً.
المصادر : الشيخ صادق بن محمد الهادي
الموقع الاسلامي اسلام ويب