هل الاستقامة هي السبيل .؟

عبد اللطيف مهيوب العسلي
 
 
سبحانك إلهى :
 
خلقت الخلق  في أحسن تقويم فضلا منك ومنة ، فوجب لك عليهم الشكر .
 وأمرتهم بفرض العدل ليتم لهم خلقهم القويم ، ويستمطرن سحائب جود فضلك العميم ، ولتصل نعيم اﻷولى عليهم  بنعيم اﻷخرى ، فوجب عليهم الشكر ،
كما وجب عليهم القيام بالعدل  .
 
فكان أمرك  بالعدل هو لهم وفيهم ﻻ عليهم ، لن تنال مما فرضت عليهم شيئا فأنت الغني بنفسك عن ملائكتك وجنك وإنسك ومن دلائل  قولك : ( لن ينال الله لحومها وﻻ دماؤها ولكن يناله التقوى منكم.. ) فكان اتصافهم بفرض القيام بالعدل صفة ﻻزمة  لكل متصف بالعقل ، 
وأقتضت حكمتك سبحانك قيامك بالقسط ، فشهدت لنفسك بنفسك بلسان حولك وقوتك بأنك أنت ( القائم ) بالعدل وتدبير القسم لم تسه عن  خلقك لحظة ولم تنم ، وشهد بذلك ألو العلم بك فقاموا بصفوف ملائكتك فشهدوا بما شهدوا (( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)  
 فمن تجليات  قيامك بالقسط  على خلقك الرزق لجميع العباد ، والهداية والإرشاد ، والوعد والإيعاد ،
  . فعقل عنك أرباب العقول الفهماء لفحوى ما تقول ، وجهله غلف القلوب وكل ذي عقل مسلوب  فلنعم الرب أنت ، ولبئس المربوب .
 
ومن هذه الصفة العظيمة الجليلة للاسمين الجليلين من أسمائه الحسنى ( القائم ) و ( القيوم )  . 
تتبين لنا المعاني العظيمة على صفة العموم لمفهوم الاستقامة ، وأما على صفة التفصيل :
 
فإن ( مصطلح الاستقامة )  من الكلمات الجامعة التي تتمحور حولها حزمة من المفاهيم ِ الأصوليةِ المهمة وجمعت أوصاف ما ينبغي أن يكون عليه المستجيبون لنداء الله  
لتحصل لهم ثمرة ما استجابون له لِتؤهلهم إلى القرب من الله سبحانه وتعالى ولذلك وردت في القرآن الكريم بالمعنى كقوله تعالى : ((  وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي.  ز.  وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقرة
أي يحصل لهم الاستقامة النافعة التي تقربهم من الله فإذا دعوه استجاب لهم وقد قرن استجابة الدعاء بهذه اﻷية ، وقرنت  صراحة باستجابة الدعاء في قوله تعالى ((  قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89)  
 
  وورد ذكر الاستقامة  تصريحاً كقوله تعالى: ]
فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112  هود
  وقوله تعالى: (( ولذلك فادع واستقم كما أمرت.. ..15 ) الشورى 
 وقوله : (( وأن لو استقاموا على الطريقة ﻷسقيناهم ماء غدقا .. )) نوح 
 ولا أدل للمتأمل لتكوين فكرة كاملة النظر الى تعريفها اللغوي والشرعي :
 
  التعريف اللغوي للإستقامة :
 
إنّ الإستقامة في لغة العرب مصدر (استقام ) على زنة استَفْعَل وهو  فعل ماض مزيد ؛  مشتق من الفعل الثلاثي(قام)،وفعل قام جاء في لغة العرب على معانٍ شتى أهمها :
الإعتدال والقصد :ومنه قام ميزان النهار إذا اعتدل ، وفلان أقوم كلاماً من فلان:أي أعدلُ ، والقُوم بالضم: القصد، و(القوام) بالفتح معناه العدل قال تعالى: (( وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا )) الفرقان 
{، والقيم :المعتدل،والملة القيمة: المعتدلة.
المواظبة والثبات ومنه قوله تعالى : ] أُمَّةٌ َقآئِمَةٌ[أي مواظبة على الدين والقيام به ، .....ويقال فلان قائم بكذا إذا كان حافظاً له متمسكاً به. 
 ومنه قوله تعالى ] الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا
[ وقوله: ] إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً [أي ملازماً محافظاً ..
تلك المعاني التي دل عليها فعل(قام)من الاعتدال والقصد,والمواظبة والثبات والمحافظة والملازمة : هي التي دلت عليها أيضا كلمة الاستقامة.ولذا عرف أرباب اللغة الاستقامة بأنها : الإعتدال , يقال استقام له الأمر . وقال تعالى:] قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ [أي في التوبة إليه دون الآلهة , وقام الشيء واستقام : .....
وتفيد الإخلاص قال تعالى:] قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ [ أي في التوجه إليه دون الآلهة,فإذا عدي بالباء كان معناه المدح كقول القائل استقام فلان بفلان : أي مدحه وأثنى عليه , وتعديته باللام يفيد الدوام لأن الشيء إذا انقاد واستمرت طريقته فقد استقام  لوجهة كما في الحديث :(( إستقيموا لقريش ما استقاموا لكم أي دوموا لهم في الطاعة واثبتوا عليها ))، واطرد الأمر أي استقام .)  # 
 
أما تعريف الإستقامة شرعاً :
فهو لا يختلف التعريف الشرعي للاستقامة كثيراً عن مفهومها اللغوي، ولما كان القرآن الكريم يخاطب العرب بالألفاظ التي يتداو لونها ، وبما انطوت عليه من المعاني التي يعهدونها ؛ فإن المعاني اللغوية هي ذاتها المعاني الشرعية التي دلت عليها كلمة الإستقامة في الشريعة. هذا مهما تعددت عبارات الصحابة ومن تبعهم ويمكن ارجاعها الى أربعة :
1 - المحافظة والثبات على الفرض ، والفرض هو العدل 
 
2- الاستقامة بملازمة اتباع سيد الخلق والمحافظة على التخلق بخلق سيد الخلق قال تعالى : ((قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) يوسف 
  وسبيله هو الخط المستقيم البين وبها يتم الكمال قال تعالى :(( فاستقم كما امرت ومن تاب معك ...))
....3 - الإخلاص  معناه التوجه الى الله بنية خالصة .قال تعالى:
(( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىى  إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِين 6َ )) فصلت 
 أي في التوجه اليه  والإخلاص له وحده  دون الآلهة .. 
 وهو اسلام الوجه لله قال تعالى: (( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ۞ الروم
وقوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (104) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (105)  يونس 
 
4 - الإفتقار الى الله وعدم الاغترار  بالنفس أو الاعجاب بالعمل والركون اليه  ،    قال تعالى : 
 (( وﻻ تمنن تستكثر... )) 
 
ويشفع عمله بالدعاء فقد وصف الله سبحانه وتعالى أنبياءه بانهم يدعونه رغبا ورهبا قال تعالى : (( وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) ))  الأنبياء 
 
أهمية الاستقامة :
  التهمم بالشيء يرجع إلى العائدة منه أي فائدته ، ولذلك نقول : استقام الأمر بفلان إذا صلح أمره ، وأستقامت الدولة إذا حققت معظم ما تطمح إليه من أهداف ،
   وﻻ زلت الاستقامة هي المؤشر الحقيقي للحكم على نجاح 
   ما أنشئ الشيء ﻷجله لتعلق العائد والفائدة بها  ، وبإنتفا الاستقامة  يحكم فشله لعدم حصول الفائدة المرجوة من انشاء الشيء. 
ومن المؤكد أن أي مشروع لدينا يمر بمراحل عديدة ابتداء بالتخطيط وانتهاء بالإدارة ويمكن تلخيص قيام أي مشروع بارتكازه  على أربعة  أمور : 
1- المكان ( سوق العمل )
2- رأس المال 
3- العمل 
3- الإدارة  ( الاستقامة ) على شؤنها
 
وﻷن الإدارة تعني ( الاستقامة ) على استمرار العمل ليكتمل به الفائدة .
 وﻷنه يتطلب منا في كثير من المهام حتى نحصل على النتائج المرجوة منها الثبات والمثابرة ودوام الاستقامة عليه  ..
وبمعنى آخر - على وجه العموم -  فإنه  ينبغي علينا الاستقامة على ما أحاطت به معرفتنا ومما استقر له مستقر إيماننا،  وما آمنا به من القضايا ، وما قمنا به من أفعال وسواء كانت هذه النتائج المرجوة عاجلة أم آجلة .
وﻷن  ثمرة ومحصلة بعضا  منها  عاجلة ، وبعضها ﻻ تكون إﻻ آجلة ، 
والفائدة العاجلة هي في الغالب الأعم مقدمة على الفائدة الآجلة وبحسب القاعدة التجارية الفائدة العاجلة وإن قلت خير من العاجلة ولو كثرت ، وكما يقول المثال: ( عصفور باليد ولا عشرة فوق الشجرة )
وإن كان هذا صحيحا إﻻ أنه ليس في كل الأحوال فالمشاريع الكبيرة وبناء المجتمعات والمنجزات العملاقة ، وبناء حكم على أسس ديمقراطية واعتماد الشفافية وتطبيق حقوق الانسان يستغرق وقتا طويلا ، وفي بعض الأحيان ان استقام الامر تعود فائدته على الأجيال القادمة .
وأما الاستقامة في حق المؤمنين فالجزء الاعظم الكبير من فائدتها  تكون في الدار الأخرة.
 
 فعلى كل حال فإن أي عائد سواء كان عاجلا أم آجلا يتوقف على حسن الاستقامة .     
فعلى سبيل المثال فانه ﻻ يمكن  المحافظة على رأس المال لشريكة ما  ، او تحقيق أفضل قدر من الأرباح إﻻ بوجود حسن  استقامة القائمين عليها ، 
والعكس فإن عدم وجود حسن الاستقامة عليها يؤدي إلى نتائج عكسية تبدأ بخسران الشريكة ﻷرباحها وتنتهي بالأفلاس والمديونية  ...وتذهب كل تلك التضحيات هباء منثورا....
 
كذلك يمكننا القول : في حق المستجيبين لنداء الله لكي يحصلوا على ثمرة معتقداتهم وإيمانهم ، فإنه يلزمهم  ما لزم أصحاب الفائدة العاجلة كصاحب الشريكة التي ضربنا بها مثلا .
 
فهي تمر بسلسلة من اﻷعمال ابتداء بالمكان ( سوق العمل )...وانتهاء بحسن الاستقامة
 
1 - فالمكان (سوق العمل ) هي كل ما أحاطت به شرائع اﻷديان من محاسن الأفعال واﻷقوال .
2 - ورأس المال ..هي العقول المبصرة ، والقلوب المستنيرة   التي أقرأت بمحاسن الاسلام وحقائق الإيمان .
3- ومادة العمل : 
 هو القرآن الكريم  الذي هدى الله به رسوله   الكريم ، وما حلاه به من الخلق العظيم. .
4 - وحسن الاستقامة هي حسن المحافظة ، على ما استقر عليه مستقر  الإيمان بعلم ومعرفة  ، والمحافظة على التخلق بخلق الرسول الكريم بهمة وعزيمة ، 
ثم الإخلاص فيما يحافظ عليه ، 
ثم الافتقار فيما أخلص فيه .
 
**ﻻ يستقيم الظل والعود أعوج .
من أهم مركزات الاستقامة امتلاك منهج قويم وقائم على أسس سليمة ومستمدة من دين قويم أو من أمور حكمية أو مادة علمية ، فالاستقامة على دين باطل أو منهج فاسد ، أو على الخرافة واﻷوهام فإنما هي شر مستطير وغي وضلال وعدم ممارستها والثبات عليها وتركها خير من السير فيها ،  
ولذلك كانت الارشادات القرآنية تحذر كل التحذير  من الحذر في الخلط بين الاستقامة والانحراف فيها ، فقال ( فاستقم كما أمرت ....)) وكقوله تعالى :  ((واستقيموا إليه واستغفروه ....))
وكقوله :(( ولذلك فادعو واستقم كما أمرت ....)) حتى ﻻ يكون كالذي وصفهم الله بقوله تعالى : (( أولئك الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ويحسبون أنهم يحسنون صنعا ...))
 ***
معضلة التناقض بين القول والفعل . 
ما زال المجتمع الإنساني يعاني من التناقض الكبير بين اﻷقوال والأفعال ، وبين التنظير والتطبيق فحين ﻻ يتطابق الفعل مع القول فإن الركون إلى المنهج الذي ﻻ يطبق فإنما هي حجة عليه ﻻ له ؛ فعلى سبيل المثال ﻻ يتم الحكم على المسلمين بما يمتلكونه من مبادئ ومنهج ديني قويم أحتواه القرآن الكريم، ولكن يحكمون عليهم بما يشاهدونه من واقع مرير ﻻ ينسجم مع دعواهم امتلاك الدين القيم  ، 
 
ونفس الشيء يمكننا القول عن الاعلان العالمي لحقوق الانسان وما شابهه ورغم الاقرار بمحاسنه ، وحسن الظن بالنوايا الطيبة لقيام   مجلس الأمن الدولي ، إﻻ انه ﻻ قيمة له  ، لعدم وجود آلية تنفيذية عادلة تقوم بتحقيق هذه المباديء ، فالواقع واﻷحداث تنبئنا أنه مجلس حرب أقرب منه إلى السلم بدليل تبريره للحرب بدلا من تجريمها وإيقافها.
وﻻ أدل مثلا  لكل من ﻻ يستقيم عليه الحال وما لا ينطبق الفعل بالمقال
ما ضرب الله به مثلا في قوله تعالى :    
((مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا ..)) الجمعة 
والخلاصة :
أن قيمة الشيء بحصول فائدته المرجوة منه ولذلك نختم القول :
 
 أن الإسلام قربة إذا أفاد الإيمان ، فإن لم يفد الإيمان  فهو أخو الكفر ، والإيمان قربة إذا أفاد اليقين ، فإن لم يفد اليقين  فهو أخو النفاق ، واليقين قربة إذا أفاد الاستقامة ، فإن لم يفد الاستقامة  فهو أخو الشك .
فإذا أفاد التوحيد الإسلام،  وأفاد الأسلام الإيمان ، وأفاد الإيمان  اليقين ، وأفاد اليقين الاستقامة فذلك الذين استقامت دعواهم ، وتطابقت أفعالهم مع أقوالهم وتحصل لهم محصول ونالوا من الله حسن القبول ودخلوا في زمرة الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ...الذين وصفهم الله بقوله تعالى : (( الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) )  فصلت
وفقنا الله واياكم لذلك وبلغنا من الأسباب ما بلغ به الأحباب الذين أصطفاهم لنفسه  من أولي الألباب فإن أعمالنا قصرت باللحاق بهم وانقطعت بنا الأسباب انك انت الله الغني الحميد الكريم والوهاب ، والحمد لله رب العالمين وسلام على عباده الذين اصطفى. 
 
  
  الهامش : 
 #  من موضوع الهداية إلى الاستقامة 
الشيخ د.محمد بن عبد الكريم  شبكة الهداية الاسلامية 29/7/2012 م

 





آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة