كيف أعيد من أضعته من يدي؟

السوسنة - السؤال: فتاة أحبت شابًّا، ثم ضَيَّعَتْه من يدها، وتركتْهُ لحبيبته الأولى، ثم عاد إليها، وأرسلتْ له صورها، وكان يختبرها فتركها.

 

   تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


كنتُ أحبُّ شابًّا أيام الدراسة، وكان جادًّا جدًّا، لكني ضيعتُه مِن يدي.


ترَك حبيبته الأولى مِن أجلي، لكني استحييتُ وذهبتُ لحبيبتِه الأولى، وقلتُ لها: أرجعيه لكِ، فقالتْ: لا أريده! فاشتعلت نار الغيرة في قلبي.


أحببتُه، لكني لم أُفَكِّرْ في الخطوبة والزواجِ منه، ولا أدري لِمَ؟ فأنا إنسانةٌ غريبة، والكلُّ يعلم أني مُطيعة وطيِّبة ومُلتَزِمة، ولا أسمع الأغاني.


عندما تعرَّفتُ إليه أرسلتُ له صِوَري، وقد كان يختبرني، ولم أكن أعلم، فسقطتُ مِن عَيْنَيْه بسبب تصرُّفاتي وأخلاقي؛ قلَّ اهتمامه بي، وبدأتُ أغار عليه!


بدأ يبتعد عني، ولا يردُّ عليَّ.. أضعتُه مِن يدي بنفسي، وأشعر الآن أني خائنة، وأن أمري انكشفَ أمام أهلي.


كرهتُ الحياة، وتعبتُ، وزاد تعبي لما رأيتُه مع غيري.


أريدُه أن يعودَ ليحبني كما كان، فقد أضعتُه بنفسي، فماذا أفعل؟


الجواب

 

حيَّاك الله أختي الحبيبة، وأشكرك على ثقتك في شبكة الألوكة، سائلين الله أن يجعلَنا سببًا في تخفيف الآلام، وأن يُوفِّقنا وإياك لما يحبُّ ويرضى ويُسَدِّد خُطاك.


اعلمي أخيتي في الله، أنَّ فَقْدَ الأحبَّة موقفٌ مؤلمٌ، وأمرٌ مُزعجٌ، وشعور صعبٌ، ولكن أذكِّرك بقول الشاعر:



فَلَرُبَّ أَمْرٍ مُحْزِنٍ
لكَ في عَوَاقِبِهِ الرِّضَا
وَلَرُبَّما اتَّسَعَ المَضِي
قُ ورُبَّما ضَاقَ الفَضَا

 


ولقد أَمَرَنا النبيُّ الكريمُ - صلى الله عليه وسلم - بألا نتحسَّر على الماضي، ولكن نعلم أنَّ ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكنْ ليُصيبنا، وأن نرضى بالقضاء والقدَر، حيث يقول: ((المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحب إلى الله مِنَ المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرصْ على ما ينفعك، واستعنْ بالله ولا تعجز، وإنْ أصابك شيءٌ، فلا تقل: لو أني فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن (لو) تفتح عمل الشيطان)).


واعلمي أن البلاء يُصيب المؤمن على قدْر إيمانه، ومِن الوسائل التي تُساعد على الصبر وتخفِّف مِن حدة الاكتئاب:
الاستعانة بالله؛ ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].


• الاستماع لمشاكل الآخرين؛ حيث إنها تُهوِّن على النفس.


• الهمة العالية وعدم الكسَل.


• الصُّحبة الصالحة، وحضور حلَقات الذِّكْر.


• الشعور بالرضا بما قسمه الله مِن نِعَمٍ.


• شغل الوقت بما يفيد مِن الهوايات النافعة.


• ممارسة الرياضة بانتظام.


أخيتي في الله، هناك قاعدةٌ عظيمةٌ تشحذ الهِمَم، وتحثُّ على التمسُّك بأوامر الله، وتجنب نواهيه، وهي: ((مَن ترَك شيئًا لله، عوَّضه الله خيرًا منه))، والعوض مِن الله أنواعه كثيرة؛ منها: الأنس به، والشعور بطمأنينة في القلب، وراحة في البال؛ لذا حريٌّ بك - أختي الحبيبة - أن تتبَصَّري الأمور جيدًا، وتنظري في العواقب، ولا تُؤثري اللذة الحاضرة على اللذة الباقية الدائمة.


وأرجو أيتها الأخت الفاضلة أن تتوقَّفي عن التفكير في هذا الشابِّ، وأن تحسِّني علاقتك بالله، وتبحثي عن هوايات أو دراسة تستثمرين بها وقتك، واجعلي ثقتك بالله قوية؛ فهو سبحانه إذا أراد لك الارتباط بهذا الشابّ فسيكون، ولو بعد حين، ولكن لا تنسي أن الزواج لا يُبنى على الحبِّ فقط، وإنما هو مسؤولية وتضحية، ويحتاج إلى مجهودٍ لاستمراره ونجاحه، ولعل الله قد أخَّر أمر هذا الزواج حتى تكوني مُهَيَّأة لمثل هذا الأمر.


وختامًا، أسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح الذي يُعينك على طاعته، وأن يُوفقك لما يحب ويرضى