حكم الإطالة في دعاء القنوت لصلاة الفجر

السوسنة

القنوت هو الدعاء والطاعة والسكوت في الصلاة، فعن الرّسول عليه الصلاة والسّلام: (ما زال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقنُتُ في الفجرِ حتى فارَق الدُّنيا)، وسار الصحابة على هذا الأمر؛ فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقنت في صلاة الصبح بحضور الصحابة وغيرهم.

لكن يتساءل البعض عن حكم الإطالة في دعاء القنوت لصلاة الفجر؟

أجابت دار الإفتاء الأردنية عن هذا السؤال عبر موقعها الرسمي وأوضحت حكم الإطالة في دعاء القنوت لصلاة الفجر وقالت:

"الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله

القنوت في الفجر سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لما ورد عن أنس رضي الله عنه قال: (مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا) رواه الإمام أحمد، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "واعلم أن ‌القنوت ‌مشروع عندنا في الصبح، وهو سنّة مؤكدة، لو تركه لم تبطل صلاتُه، لكن يسجد للسهو سواء تركه عمداً أو سهواً" [لأذكار 1/ 59].

وأما مدة القنوت فالأصل أنه مبني على التخفيف؛ لأن صلاة الجماعة كلها مبنية على التخفيف، وما كان جزئاً منها فهو مثلها، ولأنه يلحق بالتشهد الأول، وعلى هذا فتطويل القنوت في مذهب الشافعية مخالف للسنة، وقيل بأنه مبطل للصلاة؛ لأن فيه تطويل الركن القصير وهو الاعتدال، وهو مبطل للصلاة، ولكن معتمد المذهب صحة الصلاة مع الكراهة، قال الباجوري رحمه الله: "وتكره الزيادة فيه أي التشهد الأول؛ لبنائه على التخفيف... ويكره إطالة القنوت كالتشهد الأول" [حاشية الباجوري 1/ 445].

وتخفيف الدعاء في القنوت متسق مع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو دعاء ظاهر في قصره وخفته، قال عليه الصلاة والسلام: (اللهُم ‌اهْدِني ‌فيمَنْ ‌هَدَيتَ، وعافِني فيمَنْ عافَيْتَ، وتَوَلني فيمَنْ تَوَلَيتَ، وبارِكْ لي فيما أعطيتَ، وقني شَرَّ ما قَضَيْتَ، إنك تقضي ولا يُقضَى عَليك، وإنه لا يَذلُ مَنْ وَالَيتَ، تبارَكْت رَبَّنا وتَعَالَيتَ) رواه أبو داوود، والأولى أن يقتصر على المسنون مع حصول القنوت بغيره، قال الإمام النووي رحمه الله: "واعلم أن القنوت ‌لا ‌يتعين ‌فيه ‌دعاءٌ على المذهب المختار، فأيّ دعاء دعا به حصل القنوت ولو قنت بآيةٍ، أو آياتٍ من القرآن العزيز وهي مشتملة على الدعاء حصل القنوت، ولكن الأفضل ما جاءت به السنّة" [الأذكار 1/ 61].

ويستحب الجمع بين دعاءين: الأول ما ورد عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني ما ورد عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو للمنفرد، ولجماعة محصورين راضين بالتطويل، لا لقصد الإطالة، وإنما لتحصيل فضيلة الجمع بين الدعاء المسنون عن النبي صلى الله عليه وسلم السابق ذكره، وبين دعاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ونصه: (اللهم إنا نستعينك، ونستغفرك، ونستهديك، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ‌ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك بالكفار ملحق، اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ويقاتلون أولياءك، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وأصلح ذات بينهم، وألف بين قلوبهم، واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة، وثبتهم على ملة رسولك، وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه، وانصرهم على عدوك وعدوهم، إله الحق، واجعلنا منهم) رواه البيهقي، قال الإمام النووي رحمه الله: "ويستحب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الدعاء" [المجموع 3/ 493].

وعليه؛ يكره للإمام أن يطيل في القنوت، ويستحب له الاقتصار على الدعاء الوارد المسنون، ومن أطال فصلاته صحيحة مع الكراهة. والله تعالى أعلم.





آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة