ما حكم العوض في الإسلام ؟

السوسنة - يستخدم الناس مصطلح "العوض " في الكثير من الحوادث التي تمر في حياتهم فمنهم من يفتي من عنده ويقول "أن العوض حرام " وآخرون متفقين على أنهم لا يريدون أخذ مال العوض لأن هذا المال مكروه ولا يوجد فيه أي بركة ,وآخرون يحكمون أن الأطفال "الشخص غير البالغ " إذا تسبب بضرر معين لجاره , أو صديقه , مثلا "أن يكسر نافذة بيت, أو يقوم بقلع شجرة أو تحطيم زجاج سيارة " فليس عليه من عوض فهو صغير بالسن.

 فما هو العوض ؟ وما حكمه ؟ وهل يأخذ العوض من غير البالغين ؟.


مصطلح العوض وحكمه  :
معنى  العوض في معاجم اللغة العربية هو من مصدر عاض يعوض تعويضا , وهو بمعنى ما يعطى مقابل التعويض عن شيء , مثل عوضه خسارته يعني أعطاه بدل عنها .

أما اصطلاحا :فالعوض هو بدل , مقابل , ما يعطى تعويضا عن شيء ما . عوضا عن التلف والضرر الذي أصابه ووقع عليه , فالتعويض يكون بالمثل وبالقيمة وهو حق ثابت لمن وقع عليه الضرر .

وبما أن الإسلام دين حق وعدل ولا يقبل بالظلم , فإن الله سبحانه وتعالى وضح في القرآن الكريم حكم العوض وتشريعه , كما وضحت السنة النبوية العوض في عدد من المواقف , لذلك  على المسلمين الالتزام بما جاء في الكتاب والسنة وعلى أساسها يقومون بإلقاء الأحكام , فلا يعتمدون على العادات والتقاليد التي تحكمهم ولا على مصالحهم الشخصية فيجب أن يعلم المسلم أن الإفتاء في أمور لا يعلمها هي من الكبائر فيقول الله تعالى "وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم (النحل: 116 ـ 117.

فعند حصول الضرر ووقوعه يجب توضيح أن العوض مشروع في الإسلام ويقرر صاحب الضرر القبول في حال أنه لا يستطيع إصلاح الضرر, أو الرفض وطلب الأجر من الله.

دلت النصوص في القران الكريم والسنة النبوية على مشروعية العوض فقال الله تعالى :
"فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) البقرة:194
وقوله سبحانه: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) النحل:126
وقوله سبحانه: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى:40.

العوض في السنة النبوية 
كما دلت السنة المطهرة على مشروعية العوض، عن أنس قال : { أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه طعاما في قصعة ، فضربت عائشةالقصعة بيدها فألقت ما فيها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : طعام بطعام وإناء بإناء } رواه الترمذي وصححه ، وهو بمعناه لسائر الجماعة إلا مسلما ) .  

كما دل على مشروعية التعويض أيضاً: قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناقة البراء بن عازب، وعن حرام بن سعد بن محيصة - رضي الله عنه - : " أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائطا ، فأفسدت ، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار ، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها " . رواه مالك ، وأبو داود ، وابن ماجه . 

وقوله: "ضامن على أهلها" أي: مضمون عليهم، ومعنى الضمان هنا: إلزام أصحابها بتعويض ما أفسدته مواشيهم من الزرع والشجر ليلاً. 

حكم العوض لغير البالغ :
والحكم بالعوض لغير البالغ جاء على النحو الأتي كما قال المفتي سماحة الدكتور نوح علي سلمان رحمه الله : يقول لا يعفى الفاعل من الضمان لكونه غير بالغ , لأن البلوغ يعفي الإنسان  من حقوق الله ولا يعفيهم من حقوق الناس لذلك على من يرعى غير البالغ دفع المطلوب عليه .

متى يكون العوض حرام :
يكون العوض حرام كما قال الدكتور نوح سلمان في صورة واحدة وهي : إذا أتلف الإنسان مالاً في قرية من شجر أو غيره ولم يُعرف الفاعل ففرضت غرامة على كل أفراد القرية، فليس له أن يأخذ هذا العوض؛ لأن معظم من دفع في هذه الغرامة لم يتسبب في الضرر قطعاً؛ إذ الفاعل بعض أفراد الغارمين وقد لا يكون أحد منهم، فقد يتسبب في الإتلاف إنسان من قرية أخرى؛ فكيف يأكل مالَ منْ لم يُتلف ماله؟!.


كيفية أخذ العوض :
يتم تقدير الضرر من قبل أهل العلم والخبرة كل في مجاله فمثلا كان الضرر في سيارة تأخذ السيارة إلى "الميكانيك" ويقوم بحساب الضرر فيقوم الذي قام بالضرر بدفع المبلغ الذي يقرره المهني , وإذا حصل الضرر في بيت أو في حديقة يتم تقدير الأضرار من قبل أهل الخبرة , وعند الدفع زيادة يجب على المتضرر إرجاع المبلغ المالي الزائد إلى أصحابه , فلا يجوز له أخذ مال أكثر من ما قدر الضرر والله ولي الصابرين .