أحكام صلاة المسافر

السوسنة - من سمة الإسلام التخفيف على الناس وتيسير كل شؤون حياتهم، ومن أعظم صور هذا التيسير: الجمع والقصر في الصلاة للمسافر، فمع أن للصلاة مكانة عظيمة عند الله ، ومع أنها لا تسقط عن إنسان إلا في ثلاثة حالات محددة وهي الحيض والنفاس والغيبوبة الطويلة، إلا أن الله رخص للمسافر أن يجمع الصلوات ويقصرها، ليخفف عنه ويهون عليه الأمر في سفره. 

حكم صلاة المسافر:
شرع الله للمسافر أن يقصر الصلوات الرباعية (الظهر والعصر والعشاء)، فيصليها ركعتين بدلاً عن أربعة ركعات، ودليل هذا قوله تعالى: "وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا" النساء 101

واختلف العلماء في حكم القصر هل هو واجب يأثم تاركه (أي أن من يتم صلاته وهو مسافر يأثم لأنه لم يقصرها)، أم أنه مستحب يفعله من شاء ويتركه من شاء، وقد ذهب أغلب العلماء إلى أنه مستحب، فهو رخصة، وقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ" رواه الإمام أحمد وابن حبان


مسافة السفر التي يستحب بعدها قصر وجمع الصلاة
السفر شرعاً وعرفاً هو السفر الذي تحصل فيه المشقة، وكان أقل السفر في الماضي المسير على الدواب لمدة يوم وليلة، أما في أيامنا هذه فقد قيست المسافة التي تقطعها الدابة في اليوم والليلة لتحديد الحد الأدنى من الكيلومترات الذي يعد سفراً، فوجد أن هذه المسافة تتراوح بين 75 و 80 كيلومتر، ويصح للمسلم الذي ينوي السفر لمسافة تقارب الثمانين كيلومتراً أو تتعداها أن يبدأ الجمع والقصر منذ أن يغادر المدينة التي يسكن فيها، ويختفى بنيانها عن ناظريه.  

مدة الإقامة التي يصح معها القصر:
إذا سافر الشخص من بلده إلى بلد آخر، وأقام في ذلك البلد عدداً من الأيام قبل أن يرجع إلى بلده، فهل يقصر في هذه الفترة، أم يصلي صلاته كاملة؟
اختلف العلماء في هذه المسألة، فرأى البعض أن المدة إن زادت على أربعة أيام، لم يصح للمسافر أن يقصر فيها، لأنه أصبح بحكم المقيم، والبعض الآخر يمد هذه المدة لتصل إلى خمسة عشر يوماً، وقال الشوكاني أن المسافر إذا وصل مكان إقامته في البلد الذي يقصده، لم يطلق عليه لفظ مسافر، لأنه استقر في مكانه الجديد ولو لفترة زمنية قليلة، ولذا فإنه يجب عليه أن يتم صلاته ولا يقصرها،

ومن العلماء من قال أن المدة لم تحدد، وهذا من الأقوال الراجحة: فللمسافر أن يقصر ما دام خارج بلده إلى أن يعود إليها مهما كانت مدة إقامته في البلد الأخر، ما دام ينوي العودة إلى بلاده، ولا ينوي الاستقرار في المكان الذي ذهب إليه.

- كيف يصلي المسافر صلاته؟
* يصلي المسافر جميع صلواته الرباعية ركعتين فقط، فتصلى الظهر والعصر والعشاء ركعتين بدلاً من أربع، وهذا ما يسمى بالقصر، أما صلاتا الفجر والمغرب فليس فيهما قصر، فهما تصليان بعدد ركعاتهما المعتاد.

* يجمع المسافر صلاتي الظهر والعصر معاً في وقت واحد، فإذا صلاهما في وقت الظهر سمي هذا الجمع بجمع التقديم، وإذا صلاهما في وقت العصر سمي هذا الجمع بجمع التأخير، وكذلك الأمر في صلاتي المغرب والعشاء، فهما تجمعان جمع تقديم أو جمع تأخير، أما صلاة الفجر فهي تنفرد بوقتها ولا تجمع مع أي من الصلوات الأخرى.

* لا تصلى السنن في السفر، ولكن يستثنى من ذلك سنة الفجر وركعة الوتر، لأنهما سنتان مؤكدتان.

* يتم المسافر صلاته ولا يقصر إذا صلى خلف إمام مقيم.

* يصح أن يعلق المسافر نيته إذا صلى خلف إمام لا يعلم أهو مقيم أم مسافر، فإن كان الإمام مسافراً، قصر، وإن كان مقيماً أتم معه 4 ركعات.
المصادر : دائرة الإفتاء الأردنية
الموقع الرسمي للشيخ ابن باز