حكم تناول جوزة الطيب وبيعها

السوسنة - جوزة الطيب من البهارات المعروفة والتي يستخدمها الناس في الطعام والحلويات لنكهتها المميزة، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هناك من يستخدمها كبديل للمخدرات عن طريق تناولها مباشرة أو تدخينها، إذ إن لها مفعولاً مفتراً يؤدي إلى ارتخاء الجسم والهلوسة.
وبين استخدامها المنزلي البسيط واستخدامها كمخدر، يبرز السؤال عن رأي الشرع فيها وضوابط استخدامها، وهذا ما سنناقشه في المقال التالي.


- ما رأي علماء المذاهب الأربعة في جوزة الطيب؟
تحتوي جوزة الطيب على مادة الميريستيسين وهي مادة ذات تأثير مفتر إذا أخذت بكميات كبيرة وقد يصبح مفعولها أقوى وتصل إلى حد التنويم إذا كانت الكمية كبيرة جداً، كما أن الاكثار من استعمالها قد يكون ذا أثر سمي على الكبد، ولذلك لا عجب في اتفاق علماء المذاهب الأربعة على أن تناول كمية كبيرة من جوزة الطيب محرم، لأنها في هذه الحالة لا تختلف عن المخدرات، ولكن ماذا بالنسبة لتناولها بكميات بسيطة؟
اختلف علماء المذاهب الأربعة في الكمية البسيطة من جوزة الطيب، فقد ذهب الحنفية وبعض الشافعية وبعض المالكية إلى تحريم جوزة الطيب مهما كان المقدار المستخدم منها وذلك استناداً إلى الحديث الشريف:" مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ" رواه أبوداود، وحديث أم سلمة رضي الله عنها: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَن كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ" رواه أبو داود وحسنه الحافظ ابن حجر وغيره
ولكن البعض من المالكية والشافعية أفتى بجواز استهلاك الكميات البسيطة منها، والاختلاف كما نرى حاصل عند الشافعية والمالكية، وذلك لأن من يقولون بجواز استهلاك القليل الذي لا يؤثر في جسم الإنسان قد فرقوا بين جوزة الطيب والخمر من حيث أربعة أوجه:
1- أن جوزة الطيب طاهرة بينما الخمر نجس.
2- اختلاف العقوبة، فعقوبة شارب الخمر هي أن يقام عليه الحد (ثمانون جلدة) أما الشخص الذي يستخدم جوزة الطيب لغرض مشابه لغرض السكر (وهو الفتور وتخدير الحواس) فإن عقوبته بحسب الشرع ليست الحد كما في شرب الخمر وإنما هي عقوبة (التعزير) والتي يقدرها الحاكم بما تقتضيه المصلحة العامة، وهي عادة عقوبة أخف من الحد.
3- الحكم في بيعها وزراعتها، فبيعها وزراعتها وتصنيعها حلال ولا ينطبق عليها اللعن المرتبط بكل من يعمل في مجال الخمر والوارد في الحديث الشريف التالي: عن ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ). رواه أبو داوود وابن ماجه 
4- اختلاف تأثير كل منهما على الجسم حيث يوصف تأثير الخمر على أنه مسكر بينما يوصف تأثير جوزة الطيب على أنه مفتر ولا يصل إلى مرحلة السكر وإذهاب العقل.
وعلى كل مع ميل أغلب العلماء إلى تحريمها فإنها تدخل في باب الشبهات التي يستحسن الابتعاد عنها عند المقدرة على ذلك.


- فتوى دار الافتاء الأردنية في استخدام جوزة الطيب في الطعام
إن قاعدة "ما أسكر كثيره فقليله حرام" قاعدة فقهية معروفة، وقياساً عليها حرم العلماء استخدام الخمر تحريماً قطعياً مهما قلت الكمية المستخدمة منه، وكما قلنا من قبل فإن هناك خلافا بين الفقهاء في مشروعية أو حرمة استخدام الكميات القليلة من جوزة الطيب في الطعام، ولكن بحسب دار الافتاء الأردنية فإن استخدام جوزة الطيب في الطعام بكمية قليلة جائز، وهذا لأنها ليست من المسكرات، وإنما هي من المفترات، كما أن أثرها المفتر لا يظهر إلا إذا تم تناولها بكمية كبيرة، ولم يرد نص في تحريم الكميات القليلة من المواد التي يظهر لها أثر مفتر إذا استخدمت بكمية كبيرة، فما دامت الكمية المستخدمة لا تعطي التأثير المفتر فلا حرمة فيها.
- هل هناك ضوابط في الدول الإسلامية لتداول جوزة الطيب؟
لا تمنع معظم البلدان بيع واستيراد جوزة الطيب، ولذلك فهي تباع لدى العطارين في معظم البلدان العربية والإسلامية، إلا أن المملكة العربية السعودية تحظر استيرادها وبيعها إلا إذا كانت مخلوطة ببعض البهارات الأخرى بحيث لا تزيد نسبتها في الخليط عن 20%.