عمر بن عبدالعزيز

السوسنة - أبو حفص، عمر بن عبد العزيز بن مروان الأمويّ القُرشي، لُقّب بخامس الخلفاء الراشدين، لأنه سَعى منذ أن تولّى أمر المسلمين لمصلحة الرعيّة وحفظ حقوقهم، فقد ساد العدل في عهده، وتحسّنت أحوال المسلمين رُغم قُصر المُدة التي قضاها في الخلافة.(سيّر أعلام النبلاء، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي)

والدهُ عبد العزيز بن مروان بن الحكم، من خيار بني أمية، تولى إمارة مصر أكثر من عشرين عام. وأمه هي ام عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب. وإخوته عددهم تسع، وهُم أبو بكر ومحمد وعاصم، وامهم ليلى بنت عاصم. وأشقائه من غير أمه هم الاصبغ وسهل وسهيل وأم الحكم وزيّان وأم البنين.

وُلد عمر بن عبدالعزيز، في المدينة المنورة في عام 61هـ ، وتوفيّ في عام 101 هـ .حسب بعض المصادر التاريخية التي تؤكد بأن عمر بن عبدالعزيز وُلد في المدينة المنورة، في زمن خلافة يزيد بن معاوية. وعاش مرحلة الطفولة في المدينة المنورة، وعندما شبَّ وكان والده قد تولى حكم ولاية مصر  ارتحل إلى هُناك. وقد كان لوجوده في المدينة أثراً بالغ على تربيته وتلقينه علوم الدين والفقه، فقد كان يُقبل على طلب العلم ويجتهد في ذلك، وكان يُطالع ويسعى للمذاكرة بين العلماء، وكان يحرص على مُتابعة وحضور مجالس العلم في المدينة.


تلقى عمر بن عبدالعزيز العلم، من كبار فقهاء المدينة وعلمائها، و والده عبد العزيز بن مروان قد اختار له صالح بن كيسان ليكون مُعلما ومُربياً لعمر، فتولى صالح تعليمه وتاديبه، كان يُلزمه بالصلوات المفروضة بالمسجد، فكان عمر يجتهد للتشبّه بالنبي في الصلاة، فكان يُتم السجود والركوع، ويُخفف القيام والقعود.

من الشيوخ الذين تأثر بهم عمر بن عبدالعزيز عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فقد كان عبيد الله مُفتي للمدينة في ذلك الزمان. وسعيد بن المسيب، وقد كان سعيد لا يزور احداً من الأمراء الّا عمر، ومن الشيوخ أيضاً سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب.

توليه إمارة المدينة المنورة:
في شهر ربيع الأول في عام 87 هـ ، أمر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، عمر بن عبد العزيز بإمارة المدينة، من ثمّ ضم إليها وهي تحت إمارة عمر ولاية الطائف، في سنة 91 هـ، فصار والياً على جميع مدن الحجاز.
ومن شروط عمر لتوليه الإمارة ما يلي:

أن يُعامل الناي بالحق والعدل فلا يظلم احداً ولا يأكل مال أحد.
أن يُسمح له بالحج؛ لأنه لم يكن حتى ذلك الوقت قد حجّ.
ان يُسمح له بتوزيع العطاء على الناس في المدينة.

أبرز أعماله أثناء الإمارة:

قام عمر بتشكيل مجلس شورى في المدينة، بإسم "مجلس فقهاء المدينة العشرة".
قام بتوسيع المسجد النبوي في المدينة المنورة، بأمر من الخليفة.

انتقل عمر بن عبدالعزيز لدمشق، بعد تنازله عن الإمارة، في سنة 92 هـ  . وبعد وفاة الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك عام 99هـ، وقد وصّى قبل وفاته بعمر بن عبدالعزيز خليفةً لهُ. فصعد عمر بن عبدالعزيز على المنبر، في أول ظهور له بعد توليه الخلافة، وقال: أيّها الناس، إني قد ابتليت بهذا الامر عن غير رأي مني فيه ولا طلبةً له، ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في اعناقكم من بيعتي، فأختاروا لأنفسكم.

فصاح الناس صيحةً واحدة: قد إخترناك يا أمير المؤمنين ورضينا بك، فتولَّ أمرنا باليُمن والبركة.

أبرز ملامح حُكم عمر بن عبدالعزيز:
العدل.
يرى عمر أن المسؤولية هي القيام بحقوق الناس، والخضوع لشروط بيعتهم، وتحقيق مصالحهم، فالخليفة خادم لدى الأمة ويجب عليه تنفيذ مطالبها حسب شروط البيعة.

ردّ المظالم.
وقد بدأ بردّ المظالم بنفسه.

عزل جميع الولاة الظالمين.
منهم: خالد بن الريان صاحب حرس الخليفة سليمان وعيّن محله عمرو بن مهاجر الأنصاري، واسامة بن زيد التنوخي، وكان على خَراج مصر.

العمل بالشورى.
كانت من اهتمامات، عمر تفعيل مبدأ الشورى في الخلافة.

نشر العلم بين الرعيّة.
كان يحرص على نشر العلم بين الناس، وتفقيههم بالدين والسنة.

تدوين الحديث النبوي.
فقد قال مُرشداً المُدونين للحديث: ايّها الناس، قيّدوا النعم بالشكر، وقيّدوا العلم بالكتابة.

وفاته:
تضاربت الروايات عن سبب مرض عمر بن عبدالعزيز وموته، إذ تذكر بعض الروايات أن من أسباب مرضه وموته هو: الخوف من الله تعالى والاهتمام بأمر الناس، وفي روايةٍ أخرى ذُكر السبب بأنه سُقيّ السُم، وقيل أنه مات بسبب السل. استمر معه المرض عشرين يوماً، وتوفي عمر بن عبدالعزيز، يوم الجمعة، لعشر ليال بقيّن من رجب سنة 101 هـ، وهو ابن 39 عاماً وخمسة أشهر، وفي روايات أخرى تقول بأنه توفي وهو في عمر 40 عاماً.(فقه عمر بن عبدالعزيز، محمد بن شقير)

 





آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة