الصحابي الذي طلب القصاص من الرسول

السوسنة - في العهد النبوي كان صحابة رسول الله - رضوان الله عليهم - يتنافسون في حب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فكانوا يحبونه حبًا جمًا ، بل وكانت أرواحهم فداء له ، ولا يطيق أحد منهم أن يُمَسَّ النبي  بسوء ، حتى ولو كان ذلك بنظرة أو كلمة ، ولا يقبل أحد منهم أن يشاك النبي بشوكة ، وتثور لذلك ثائرتهم . 


أما في غزوة بدر الكبرى فقد حدث موقف ما بين أحد الصحابة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا الموقف لا يدل سوى على شديد حب الصحابي وتعلقه برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ،  وأراد صحابينا الجليل بما فعل أن يكون أخر عهده بهذه الدنيا الفانية ؛ أن يعانق جسده جسد النبي الطاهر - صلى الله عليه وآله وسلم - . 

وبدأ هذا الموقف عندما كان النبي في يوم بدر يتجول ما بين صفوف الجند ؛ يتفقدهم وينظر أحوالهم ، وقد كان حينها يمسك النبي بيده الشريفة عودا من السواك ويعدل به صفوف الجند ، وعندما مر بالصحابي " سواد بن غزية " وهو حليف بني عدي بن النجار ، كان خارجًا قليلًا عن الصف ، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحريكه للخلف بعود السواك  حتى يساوي الصف جيدا ثم قال له : " استوِ يا سوادُ بن غزية ".

 وفي تلك الأثناء رأى الصحابي سواد - رضي الله عنه - أن الفرصة متاحة أمامه لينال فوزا عظيما ، واستغل ذاك الموقف بأفضل شكل وعلى أسرع وجه وقال النبي :  أوجعتني يا رسول الله ، وإن الله قد بعثك بالحق ، وأريد منك قصاصا . فكشف له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بطنه ، ليأخذ حقه ويقتص ، وقال : " اقتص يا سواد " ، فما لبث سيدنا سواد - رضي الله عنه وأرضاه - حتى عانق رسول الله ، وقبَّل بطنه الشريفة أيضا .

 ولما رأى الصحابة الكرام صنيعه تعجبوا ، ثم سأله النبي - صلى الله عليه وسلم - " ما حملك على هذا يا سواد ؟" فأجابه سواد رضوان الله عليه : أن يا رسول الله ، قد حدث ما ترى ، ولم آمن على نفسي القتل ، لذلك وددت أن يكون آخر العهد بك ، وأن يمسَّ جلدي جلدك الطاهر .


 ثم دعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكل خير .
 فإن عود السواك الذي أرجع به النبي سواد إلى الصف لم يؤلم سيدنا سواد بن غزية فعلا ، ولكن أراد أن يغنم ويكسب أعظم مكسب بملامسة جسد النبي وعناقه قبل الذهاب للمعركة.

    وكان سيدنا سواد من عظام الصحابة الكرام ، وشهد غزوة بدر ، والغزوات التي بعدها . وقد قام بأسر خالد بن هشام المخزومي يوم بدر . 
ثم وضعه الرسول - صلى الله عليه وسلم - على إمارة خيبر بعد فتحها . 

 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة