هل يجوز التصدق من مال جدتي بغير إذنها؟

السوسنة - الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فالسؤال يشتمل على عدة نقاط: الأولى: اشتراط والدتك رحمها الله أنَّ ما تركته من مال يُخصَّص كصدقة جارية، وهذه وصية باطلةٌ غيْرُ جائزةٍ بالاتِّفاق لما فيه من مُخالفة الشرع إلا أن يشاء الورثة إمضاءها، بل يجب أن تُقَسَّم التركة على الورثة حسب ما جاء في كتاب الله تعالى، فيعطَى كل وارث نصيبه منها كما حدَّده الشرع، قال الله سبحانه وتعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7].

ولما ورد في الصحيحين أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن أبى وقاص، فقال سعد: يا رسول الله، قد بلغ بي الوجعُ ما ترى وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنةٌ لي، أفأتصدَّق بثُلُثَيْ مالي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا"، فقال سعد: فالشطر؟ قال: "لا"، ثُمَّ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: "الثُّلُث والثلث كثير، إنَّك أن تَذَرَ ورثَتَكَ أغنياءَ خيرٌ من أن تَذَرَهُم عالةً يتكفَّفون النَّاس".

وروى أبو داود والترمذي عن عمران بن حصين "أنَّ رجلاً أعتَق ستَّة أعبُدٍ عند موته -ولم يكن له مال غيرُهم- فبلغ ذلك النَّبيَّ صلى الله عليه وسلَّم فقال له قولاً شديدًا، ثُمَّ دعاهم فجزَّأهم ثلاثةَ أجزاء، فأقرع بينهم فأعتقَ اثنيْنِ وأرقَّ أربعة"؛ (وصححه الألباني).

فلا تَجوز الوصيةُ بأكثرَ من الثلث إلا بإِذْنِ من يُعْتَبر إذنه من الورثة، وهم الرُّشَداء البالغون، فيخرج ثُلُث التركة والباقي يقسَّم بين الورثة، وحيثُ إنَّ بعض الورثة أجاز إخراجَ نصيبِه بطِيبِ نفس فلا بأسَ، وأمَّا من تَمسَّك بِحَقِّه فله هذا ولا يجبر على التنازل.
فما قُمْتُم به من صدقةٍ بالثُّلُث فقط هو الصواب، ومَن ضَمَّ نصيبَه من التركة إلى الثلث إمضاءً لوصيَّتِها فيؤجر إن شاء الله، مع أنه لا يَجِبُ عليه التبرُّع بنصيبه.
 





آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة