صفات علي بن أبي طالب

السوسنة - و  أوّل من آمن بالرسول – صلى الله عليه و سلم – من الصبيان ، فكان يقول عن نفسه  : "  ما أعرف أحدا من هذه الأمة عبد الله بعد نبينا غيري . عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة تسع سنين " .   وهو أوّل هاشمي من أبوين هاشميين . نام في فراش النبي ليلة الهجرة ، بعد علمه أن قريش تريد قتل الراقد في ذلك الفراش .

 علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، و أمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف . كان أصغر أخوته ، و قد كان أبوه يؤثر أخاه عقيلا على غيره من أبنائه ، فلما أصاب القحط قرشيا ، أراد الرسول عليه الصلاة و السلام  مع عميه – حمزة و العباس – أن يحملوا ثقل أبي طالب في تلك الأزمة بأن يكفلوا أبناءه ، فقل لهم : دعوا لي عقيلا و خذوا من شئتم ، فأخذ العباس طالبا ، و أخذ حمزة جعفر ، و أخذ النبي – عليه الصلاة والسلام- عليا . و عوّضه الرسول – عليه الصلاة و السلام – عن حبّ أبيه . 


 سبق أقرانه في الفهم و القدرة ، و  نشأ قوي البنية ، و كان لا يبالي الحر و البرد ، و ذلك بعد دعوة الرسول – عليه الصلاة والسلام – ، إذ قال " إن رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بعث إليّ و أنا أرمد العين يوم خبير فقلت : يا رسول الله ، إني أرمد العين ، فقال : " اللهم أذهب عنه الحرّ والبرد ، فما وجدت حرّا و لا بردا منذ يومئذ " .

  كان رضي الله عنه شجاعا ، ، و كان جريئا على الموت ، لا يهاب أحدا مهما بلغ صيته ، و قصته مع عمرو بن ود في وقعة الخندق شهيرة ، و كان عمرو بن ود فارس الجزيرة العربية و قيل إنه كان يقوم بألف رجل عند أصحابه و  عند أعدائه ، و يوم الخندق صاح في المسلمين : من يبارز ، فتصدى له علي بن أبي طالب ، قائلا : أنا له يا رسول الله ، و رسول الله يقول له مرة بعد مرة : اجلس ، إنه عمرو ، حتى أذن له الرسول – عليه الصلاة و السلام – فاستصغره عمرو بن ود و قال : من أعمامك من هو أسن ، و إني أكره أن أهريق دمك ، فقال له علي : لكنني و الله لا أكره أن أهريق دمك ، و اشتعل القتال بينهما ، حتى صرعه علي و جأر مكبرا . 

  وقد عرف علي بالمروء مع الخصم ، و هي أندر مروءة عرفت عن مقاتل ،  و لم يبادر أحدا بالقتال قد ، إلا إذا بادره ، و كان يقول لابنه الحسن : " لا تدعوَنَّ إلى مبارزة . فإن دعيت إليها فأجب . فإنّ الداعي إليها باغ و الباغي مصروع " . 
  وآداب الفروسية كانت تمنعه  من مجاراة خصومه في السباب ، فالفارس لا ينال من عدوه بغير الحسام .

  وقد كان واثقا بدينه و بنفسه ، فلما زاد اتهام الخارجين عليه ، و عتب عليه خصماه طلحة و الزبير أنه ترك مشورتهما ، قال : " نظرت إلى كتاب الله و ما وضع لنا و أمرنا بالحكم به فاتبعته ، و ما استن النبي – صلى الله عليه و سلم – فاقتديته ، فلم أحتج في ذلك إلى رأيكما و لا رأي غيركما ، ولا وقع حكم جهلته فأستشيركما و إخواني المسلمين ، و لو كان ذلك لم أرغب عنكما و لا عن غيركما " . 

عرف بزهده الأقرب إلى التصوف ، و لم يعرف أحد من الخلفاء أزهد منه ، و كان وهو أمير المؤمنين يأكل الشعير و تطحنه امرأته بيديها . 

 وقيل أنه على زهده الشديد كان سمحا ، وأن فيه دعابة . إذ روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال له : " لله أبوك لولا دعابة فيك " . 
  عرف بالنخوة في معاملته مع الضعفاء من الرجال والنساء ، و سن لأصحابه سنن الفروسية فأوصاهم ألا يقتلوا مدبرا ولا يجهزوا على جريح ولا يكشفوا سترا ولا يمدوا يدا إلى مال .