تفسير وشرح سورة الناس

السوسنة - سورة الناس هي السورة الأخيرة من حيث ترتيب المصحف الشريف، وهي سورة مكية نزلت قبل الهجرة، وعدد آياتها ست. 
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)
مَلِكِ النَّاسِ (2)
إِلَٰهِ النَّاسِ (3)
مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)
مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)


سبب تسمية سورة الناس:
سميت بسورة الناس لتكرار لفظ الناس في كل آية من آياتها.

فضل سورة الناس:
من فضلها ما رواه الإمامُ مسلم في صحيحه عن عُقبة بن عامرٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ألم تر آياتٍ أُنزلَت الليلة لم يُرَ مثلُهُنَّ قطُّ: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ و ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ ".
وهي من السور التي تقي من السحر والحسد وفيها شفاء من الأوجاع والأسقام؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يَقرأ على نفسه بالمعوِّذات ويَنفث، فلمَّا اشتدَّ وجعه كنتُ أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء برَكتهما".

سبب نزول سورة الناس:
أورد السيوطي في كتابه (لباب النقول في أسباب النزول)، قصة تعرض النبي الكريم صلى الله عليه وسلم للسحر، حيث مرض الرسول صلى الله عليه وسلم مرضاً شديداً فجاءه ملكان، فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، وأخذا يتحدثان وهو يسمعهما، فذكرا أنه مسحور، وذكرا اسم من سحره، والمكان الذي خبئ فيه السحر، وكيف يفعل به عندما يجده، فلما أصبح الرسول صلى الله عليه وسلم، أرسل الصحابي الجليل عمار بن ياسر مع مجموعة من الصحابة، فوجدوا السحر وفعلوا كما قال الملكان، وكان في السحر وتر به إحدى عشر عقدة، فجاؤوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنزل الله تعالى عليه سورتي الفلق والناس، فقرأهما لإبطال السحر، وكان كلَّما قرأ آيةً من هاتين السورتين انحلت عقدة من الوتر إلى أن فكَّ السحر كله.

شرح سورة الناس:

- ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾:
"قل" أمر للنبي صلى الله عليه وسلم  ولجميع المسلمين، بالإستعاذة بالله والإلتجاء إليه، والاعتماد عليه في سائر الأحوال، وهذه الدلالة (الاستمرارية) تأني من الفعل المضارع، "أعوذ"، أي ألتجأ إلى الله  دائماً وأبداً، لأنه رب كل المخلوقات، أي مربِّيها وسيِّدها، والمتفرِّد بالخَلق والمُلك والتدبير.
أما لفظ "الناس" فقد يظن البعض أنه يعني "الإنس"، ولكن ذكر بعض الصحابة أنه يشمل الإنس والجان، وذلك لأنه مشتق من النسيان، أو من الأنس بالغير، وهذه كلها صفات تشمل الإنس والجن معاً.


- ﴿ ملك الناسِ ﴾:
الملك، اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه الحاكم، ومدبر الأمور، فهو سبحانه المتصرف في شؤون كل الناس، والغني عنهم جميعاً.

- ﴿ إله الناسِ ﴾:
هو إله الناس جميعاً، وهو الوحيد المستحق للعبادة، وفي ذكر "إله الناس" بعد "ملك الناس" تنبيه للناس (إنسهم وجنهم) بأن الله مالكهم ومدبر أمورهم، هم وكل شيء قد يفكرون في عبادته من دونه. 

- ﴿ من شر الوسواس الخناسِ ﴾:
من ماذا نستعيذ؟ من أذى الشيطان الذي يوسوس بفعل المنكرات أو ترك الطاعات، فيوسوس تارة ويخنس تارة، فقد يوسوس بفعل المعصية، فإذا ارتكبها الإنسان خنس واختفى، وقد يوسوس بالابتعاد عن الطاعات، فإذا ذكر الإنسان الله، وأقبل على الطاعة خنس واختفى.

- ﴿الذي يوسوس في صدور الناس﴾:
نستعيذ من أذى الشيطان الذي يوسوس تارة ويختفي تارة، ولكن أين يوسوس؟
في الصدور، وهي مواضع تأثير وسوسة الشيطان، من هم أو حزن أو ضيق، وإرهاق وتعب.

- ﴿من الجنة والناس﴾:
تبين هذه الآية أن الوسوسة قد تكون من الجن وقد تكون من الإنس، وسوسة الإنس قد تكون من النفس الأمارة بالسوء، وقد تكون من الناس السيئين المحيطين بالشخص، وهي أشد وأصعب من وسوسة الجن، ذلك لأن الجن إنما تكون وسوستهم كخاطر يخطر للإنسان يمكنه أن يدفعه إذا تأمل في الأمر، وامتلك الإيمان الكافي،واستعان بالله، ولكن وسوسة الإنس تكون برغبة داخلية، أو بالمجالسة والمعاينة، والإقناع.
المصادر : تفسير ابن كثير
            الموقع الاسلامي اسلام ويب