أحكام فدية الصيام

السوسنة - من عظمة دين الإسلام أن أحكامه صالحة لكل زمان ومكان، وشاملة ومراعية لكل الحالات والظروف التي قد يمر بها الإنسان في حياته، ومن هذه الأحكام أحكام الفدية لمن لا يستطيع أن يصوم لكبر سنه أو لمرضه مرضاً لا يرجى شفاؤه. 
- ما الحكم الشرعي المترتب على من لا يستطيع الصيام ؟
 
قد لا يستطيع الشخص الصيام ، بسبب إصابته بمرض لا يرجى شفاؤه ، أو بسبب تقدمه في العمر وضعف جسده بحيث لا يستطيع أن يصوم لأن الصيام سيتسبب في ضرر في صحته أو تدهور في حالته المرضية، وفي هذه الحالة فليس على هذا
الشخص صيام ولا قضاء، وإنما عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، ويسمى هذا الإطعام بالفدية.
 
 
- هل يجوز أن يصوم أبناء من لا يستطيع الصيام أو أولياؤه بدلاً عنه؟
لا يكلف من لا يستطيع الصيام بالصيام ولا بالقضاء، لذا لا يجوز أن يصوم عنه أحد، وإنما يكتفي بالفدية ( وهي إطعام مسكين عن كل يوم من أيام رمضان).
 
- ما هي الأحكام الخاصة بالفدية وكيف تخرج؟
* كيفية احتسابها:
اتفق جمهور العلماء على أن الفدية تكون بإطعام مسكين واحد عن كل يوم، من القوت المشهور للبلد، والذي يعتمد عليه أهلها في أكثر أطعمتهم، وهذا كان قديماً القمح والشعير والتمر، بينما في وقتنا الحاضر تعتبر الأطعمة الأساسية هي الطحين أو الخبز والأرز وغيرها من الأطعمة الأخرى، وذهب جمهور العلماء إلى أن الفدية يجب أن تكون إطعاماً ولا يجوز إخراج القيمة النقدية المكافئة لقيمة طعام المسكين.
بينما ذهب الحنفية إلى أنه يمكن أن تُخرج القيمة النقدية للفدية وتعطى للمسكين، لأن الهدف منها سد حاجته.
 
 
* مقدارها:
أما فيما يتعلق بمقدار الفدية، فقد ذهب المالكية والشافعية إلى أن المقدار الواجب إخراجه عن إطعام مسكين هو (مد من الطعام) أي ما وزنه 750 غم تقريباً.
وذهب الحنفية إلى أن مقدار الفدية يجب أن يكون 3 كغم، إلا إذا كان من القمح فعندها يكون 1.5 كغم، وأما الحنابلة فقد قالوا أن مقدا ر الفدية 1.5 كغم من الطعام، إلا إن كان من القمح فإنه يكون 750غم.
وأما العلماء المعاصرون مثل الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين  فقد أفتيا بأن مقدار الفدية 1.5 كغم من قوت البلد، أي من الأطعمة المعتادة في البلد، ويستحب أن يكون في الإطعام مع الارز أو الخبز مثلاً إدام أو لحم أو غيره (أي أن تكون وجبة كاملة).
 
* هل يجوز أن تؤدى على شكل وليمة؟
أجاز جمهور العلماء أن يصنع طعاماً يدعو إليه من المساكين بعدد الأيام التي ينوي إخراج الفدية عنها، فيأكلوا ويشبعوا، ودليل ذلك ما ثبت عن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه، فعنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: " أَنَّهُ ضَعُفَ عَنِ الصَّوْمِ عَامًا، فَصَنَعَ جَفْنَةً مِنْ ثَرِيدٍ، وَدَعَا ثَلاثِينَ مِسْكِينًا فَأَشْبَعَهُمْ " (رواه الدارقطني وصححه الألباني).
 
* وقت إخراجها:
يجوز أن يتم إخراج الفدية يومياً أثناء شهر رمضان، ويجوز أن يتم تجميعها وإخراجها في آخر يوم من الشهر، ولا يجوز أن تخرج فدية يوم قبل طلوع فجره (أي ابتداء وقت الصيام فيه)، لذا لا يمكن أن تخرج الفدية في وسط الشهر مثلاً عن الشهر كاملاً، فالفدية مثل الصيام، فكما لا يجوز قضاء أيام رمضان في شعبان السابق له (كأن يتوقع الشخص ما سيكون عليه من قضاء فيبادر بصيامه وقضائه قبل أن يدخل الشهر)، فإن الفدية لا تصح عن اليوم إلا بعد بدء وقت صيامه.
 
 
* لمن تدفع:
يجوز أن تدفع الفدية لعدد من المساكين، ويجوز أن تدفع للمسكين نفسه بعدد الايام التي ينوي الشخص الفداء عنها، سواء أدفعها متفرقة (بشكل يومي) أو دفعة واحدة، ويشترط أن تعطى للمسكين أو الفقير، ولا تحل لميسور الحال، كما لا يحل أن تعطى لغير المسلم، أو لمن يجب على الشخص أن ينفق عليهم من الأقارب، كالأبوين والأبناء والزوجة، بينما يكون القريب الفقير الذي لا تجب على الشخص النفقة عليه أحق بالصدقة، ويكون أجر الصدقة عليه أجران: صدقة وصلة.
 
* هل تشترط فيها النية:
تشترط النية في إخراج الفدية، فلا يجوز أن يسامح الشخص فقيراً على دين له عنده لا يستطيع سداده، وينوي أن هذا المبلغ بدل فدية صيام، إذ يشترط أن ينوي نية الفدية عند دفع المال.
 
* هل تجب الفدية على من لم يستطع الصوم إذا كان فقيراً؟
اختلف العلماء في هذا، فمنهم من قال أن الفدية تسقط عنه لعدم استطاعته لأدائها في وقتها، ومنهم من قال أنها لا تسقط عنه، وتبقى في ذمته، ليؤديها إن تغير حاله وكثر ماله فيما بعد، فإن مات ولم يستطع أداءها سقطت عنه، والراجح أن الأحوط أن يؤديها إذا كثر ماله ليبرئ ذمته، ويخرج من الخلاف. 
 
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة