أعمال الكراهية ضد مسلمي بريطانيا تدفعهم إلى العزلة

 السوسنة - يذهب مسلمو بريطانيا اكثر فأكثر نحو العزلة، بسبب ما يتعرضون له من جرائم تنم عن كراهية البريطانيين لهم.

 
تضافرت ردود الأفعال على مقتل جندي بريطاني في لندن العام الماضي على أيدي اثنين من الاسلاميين البريطانيين المتطرفين، مع الخوف من تدفق جهاديين بين بريطانيا وسوريا، واللغة الاستفزازية التي يستخدمها سياسيون بريطانيون كبار ضد المهاجرين، لإشاعة أجواء من التوجس والقلق بين المسلمين البريطانيين عمومًا. 
 
وقال صدر الدين علي، الذي ولد ونشأ في مدينة برمنغهام وسط انكلترا: "لم تعد بريطانيا مكانًا مريحًا كما كانت". 
 
لا تسامح
 
لدى علي اسباب وجيهة للتوصل إلى هذه القناعة، إذ تؤكد منظمات حقوقية وارقام الشرطة ارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا. وفي مثل هذه البيئة العدائية، اختار كثير من مسلمي بريطانيا الانعزال عن باقي المجتمع، والانكفاء إلى مناطقهم بحثًا عن الأمان بين اقرانهم المسلمين والمهاجرين. ويرى الكثير من المسلمين وغير المسلمين أن هذا اتجاه خطير في ما كان يعتبر في السابق بلدًا يتسم بالتسامح بين اعراقه واديانه المتعددة. ويلاحظ مراقبون أن حزب المحافظين الحاكم أخذ يزايد على حزب الاستقلال اليميني المعادي للمهاجرين كي لا يفقد الناخبين إلى هذا الحزب، بل أن حزب العمال المعارض يؤيد الآن فرض قيود على الاعانات ومنافع الرعاية الاجتماعية للمهاجرين. 
 
وقال علي واصفا الوضع في بريطانيا اليوم: "هناك عداء اشد وعدوانية أقوى"، مشيرًا إلى استهداف مسجد قريب من منطقته في مدينة برمنغهام بقنبلة حارقة بعد قتل الجندي البريطاني لي ريغبي في أيار (مايو) الماضي وقتل محمد سليم البالغ من العمر 82 عامًا حين هاجمه مهاجر اوكراني بسكين، أثناء خروجه من المسجد بعد الصلاة في نيسان (ابريل) الماضي. كما زرع المهاجم نفسه ثلاث عبوات ناسفة خارج مساجد. وفي حزيران (يونيو) أُصيب ثلاثة مسلمين بطعنات خارج مسجد آخر في مدينة برمنغهام. 
 
وقال علي انه عندما يسافر كثيرًا ما يُجرّ جانبًا للاستجواب، "وهذا حدث معي حتى بعد حلاقة ذقني". 
 
تضاعف الاعتداءات
 
محمد نسيم، امام جامع برمنغهام المركزي (89 عامًا)، ولد في ظل الاستعمار البريطاني وعمل طبيبا في الجيش البريطاني وهاجر إلى بريطانيا في العام 1959. يقول إنه يتفهم شعور المسلمين البريطانيين بالقلق واتخاذهم موقفا دفاعيا هذه الأيام. ويرى نسيم أن انتشار الحجاب والبرقع ليس دليلًا على التدين بقدر ما هو رد فعل على الضغوط الخارجية. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن نسيم قوله: "حين تتعرض للتحقير او التهديد، يكون هاك رد فعل طبيعي بالقول (هذه هي هويتي)". 
في لندن، ازدادت الاعتداءات على المسلمين من 318 حادثة في 2011 و336 حادثة في 2012، إلى 500 حادثة اعتداء بحلول منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، كما تبين تقارير الشرطة. وسجلت شرطة مدينة مانشستر شمالي غربي انكلترا 130 اعتداءً على مسلمين في 2013، بالمقارنة مع 75 اعتداء في 2012. وفي وسط انكلترا، قالت الشرطة إن جرائم الكراهية ضد المسلمين بلغت 26 جريمة في 2011 و21 في 2012 و29 في 2013. 
وتقول منظمات حقوقية إن مثل هذه الحوادث تضاعفت في بريطانيا عموما خلال عام واحد فقط وسجلت زيادة حادة بصفة خاصة بعد مقتل الجندي البريطاني ريغبي لتبلغ نحو 1000 اعتداء. 
 
 
أصل واحد!
 
واسهم تركيز الاعلام على الهجرة من داخل الاتحاد الاوروبي في صرف الانتباه عما يحدث للمسلمين في بريطانيا. تقول الطالبة المحجبة سميرة حسين (19 عامًا) إنها احيانًا تتعرض للاهانات أو لتعليقات جارحة حين تزور أماكن خارج منطقتها، مثل القول "سنأخذ حجابك ونلفه حول رقبتك". ويشعر محمد وقاص (18 عامًا) بأن افراد الشرطة يعاملونه معاملة مختلفة ويوقفون السائقين المسلمين أكثر من سواهم ويرون في كل سائق سيارة كبيرة له بشرة داكنة مهرب مخدرات اشترى سيارته بالسحت الحرام. وتروي سمية تشيريتا، التي انتقلت إلى منطقة غالبيتها من البيض، إن الاهانات تزايدت حين بدأت ترتدي النقاب، وإن بيتها رُشق بالحجارة والعابًا نارية حارقة رميت داخل البيت من فتحة الرسائل في الباب، وان مراهقين خطفوا بقاليات والدتها ونثروها على الأرض. ثم هاجمت سمية نفسها مجموعة من النساء حاول بعضهن رفع نقابها فيما أطلقت امرأة اخرى كلبها عليها قائلة لها "أنتِ وهو من اصل واحد". واضطرت سمية في النهاية إلى الكف عن ارتداء النقاب قائلة أن الوضع لم يعد يُحتمل. 
ويعزو إمام جامع برمنغهام المركزي الشيخ نسيم غالبية المواقف المعادية للمسلمين والمهاجرين إلى اللغة السياسية التي تُستخدم لكسب اصوات الناخبين. لكنه قال إن المسلمين البريطانيين عمومًا يعولون على دولة القانون وعودة علاقات التعايش السابقة في بريطانيا. واضاف: "رغم كل هذه المشاكل، كثيرٌ من المسلمين يعتبرون بريطانيا بلدًا يوفر لهم الأمن والحرية".   ايلاف




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة