السوسنة
قال تعالى في الآية 231 من سورة البقرة: (ولا تتخذوا آيات الله هزوا).
ما معنى هذه الآية وما المقصود فيها وبأي سياق جاءت؟
اختلف المفسرون في تفسير المقصود بالآيات هنا، لكن الأقرب هو أن يكون المقصود بها أوامر الله ونواهيه وأحكامه الخاصة ببناء الأسرة من الخطبة والزواج وما قد يحدث فيها من فراق كالطلاق والخلع وكل ما يتعلق بذلك مما كان شائعًا في الجاهلية ومستمرًا معهم في إسلامهم.
جاءت هذه الآية، في سياق بيان أحكام الأسرة وتقريرها من مرحلة الابتداء كالخطبة والزواج إلى مرحلة الانتهاء المؤقت كالطلاق الرجعي أو بالانتهاء الدائم كالموت أو ما هو قريب منه كالطلاق البائن وآثار هذا الانتهاء من العدة والحداد، وما قد يعتري تلك الحياة الأسرية من خلاف أو نزاع مثل النزاع في المهر أو إيقاف مؤقت لتلك الحياة كالإيلاء.
ولم يأت هذا القول والنهي في سياق بيان أحكام أخرى، لا ليبين أهمية تلك الأحكام والالتزام بالأوامر واجتناب النواهي في بناء الأسرة والمحافظة عليها قدر الإمكان فحسب، وإنما ليلفت الانتباه أيضا إلى عدم اتخاذ هذه الأوامر وتلك النواهي وسيلة أو سبيلا لتفريغها من مضمونها وعدم تحقيق مقاصد العدل والرحمة والإحسان من ورائها؛ وذلك لأن العرب في جاهليتهم كانوا ينظرون إلى المرأة نظرة ليست فيها تكريم أو إنصاف، بل ينظرون إليها نظرة أقرب إلى الإهمال والاحتقار، قريبًا من نظرتهم إلى متاع البيت وأثاثه: يفعلون به ما يشاؤون وقتما يشاؤون كيفما يشاؤون؛ ومن ثم قد يستصحب بعضُهم تلك النظرة مع دخولهم الإسلام ولا يتخلصون من آثارها وتأثيرها، فربما قد يلتزمون بأحكام الأسرة لكنهم بالحيلة أو بسوء استغلالها قد يُرجعون الأمور على ما كانت عليه في الجاهلية إن لم يكن أشد أو أقسى؛ لأنهم إنما كانوا يفعلون ذلك في جاهليتهم ولا يتحرجون من ذلك بل يتفاخرون.
فما أقسى أن يفعلوا مثلما كانوا يفعلونه وقد أكرمهم الله تعالى بالإسلام وبالقرآن وبالنبي محمد صلى الله عليه وسلم يعلمهم الحلال والحرام ويبين لهم قيم العدل والمساواة والإنصاف والمعروف والإحسان؛ لهذا جاء النهي حازما حاسما: (ولا تتخذوا آيات الله هزوا).
إسلام أون لاين