من هم سارقو النوم؟

السوسنة - النوم عنصر مهم جداً للصحة الجيدة، فالنوم لفترة كافية ضروري لمساعدتنا على التعلم بشكل أفضل ومكافحة الأمراض، وتجنب الإجهاد، فالنوم لمدة كافية شديد الأهمية لأجسامنا وعقولنا، فهو يزيد قدرتنا على التعلم والاستيعاب، وعلى مقاومة الأمراض، وتجنب التوترات النفسية. 
وهناك أشخاص كثيرون لا ينامون المدة الكافية التي تحتاجها أجسامهم، وهي ثمانية ساعات يومياً. وهذا ما يسبب لهم نقصاً في النوم الذي يحاول الجسم التعويض عنه في النهاية. 
ويُمكن أن ينجم نَقص النوم عن بعض مشاكل النوم أو عن بعض العادات التي يفرضها نمط الحياة على الشخص. فعندما لا ينام الإنسان المدة الكافية فإن هذا ينعكس على عمله وعلى قيادته للسيارة وعلى جميع نشاطاته الاجتماعية. ويُمكن أيضاً أن يُسبّب له السُّمنة والسُكَّري ومشاكل القلب، ويُمكن أيضاً أن يُؤثر تأثيراً سلبياً على قدرته على التعّلُّم والفهم. 
 
يركز هذا البرنامج على مشاكل النوم الناجمة عن نمط الحياة، ولا يتعرض لمشاكل النوم الناجمة عن أمراض أو اضطرابات النوم بحد ذاتها. فهو يشرح أهمية فترة النوم وجودة النوم، ثم يبين دور النوم في الحياة الصحية، ويوضّح المخاطر التي قد يسببها نقص النوم. وأخيراً يقدم البرنامج نصائح من أجل التمتع بنوم صِحّي. 
 
مراحل النوم
 
يُؤثر النوم على أدائنا لوظائفنا في حياتنا اليومية. كما أنه يُؤثر على صحتنا الجسدية والنفسية بطرق كثيرة. فهناك أشياء كثيرة عن النوم لا يفهمها العلماء حتى الآن. ولكن معرفتنا بالنوم تتحسن يوماً بعد يوم نتيجة البحوث العلمية. 
 
يمر الإنسان أثناء النوم عادةً بخمس مراحل:
المرحلة الأولى: الوَسَن
المرحلة الثانية: النوم الخفيف
المرحلة الثالثة: النوم العميق
المرحلة الرابعة: النوم العميق ذو الموجة البطيئة
المرحلة الخامسة: النوم مع حركة العين السريعة
 
 
تُمثل المرحلة الثانية، وهي مرحلة النوم الخفيف أطول المراحل، تقريباً نصف وقت نوم الإنسان. بينما تمثل مرحلة حركة العين السريعة(المرحلة الخامسة) قُرابة عشرين بالمئة من وقت النوم. ويتوزع ثلث وقت النوم الباقي على المراحل الأخرى. 
 
إن المرحلة الأولى هي مرحلة الدخول في النوم والخروج منه. ويمكن أن يستيقظ النائم بسهولة خلال هذه المرحلة. تتحرك العينان ببطء شديد ويتباطأ النشاط العضلي. إن العينين تتحركان رغم إغلاقهما. وغالباً ما يشعر الشخص بأنه يسقط أو بأنه على وشك السقوط، فتحدث في الجسم تقلُّصات عضلية عامة تُدعى "التَّقلصات العَضَلية النومية". 
 
في المرحلة الثانية للنوم: تتوقف حركة العينين وتتباطأ موجات الدماغ. 
 
في المرحلة الثالثة وهي مرحلة النوم العميق والمرحلة الرابعة وهي مرحلة النوم العميق ذو الموجة البطيئة تظهر موجات دماغية شديدة البطء. ويكون إيقاظ النائم شديد الصعوبة في هاتين المرحلتين اللتين تُسمَّيان معاً مرحلة النوم العميق. في مرحلة النوم العميق لا توجد حركة للعينين ولا يوجد نشاط عَضَلي. 
 
يكون الشخص الذي يستيقظ أثناء مرحلة النوم العميق غير قادر على التأقلم بسرعة مع حالة اليقظة، فقد يعاني صعوبة في الحفاظ على توازنه، فيبقى غير قادر على تحديد الاتجاهات عِدة دقائق بعد الاستيقاظ. 
 
وخلال المرحلة الخامسة من مراحل النوم، وهي مرحلة حركة العين السريعة، يتسارع التنفس ويصبح غيرَ منتظم. وتتحرك العينان حركة سريعة في اتجاهات مختلفة. 
 
وفي مرحلة حركة العين السريعة، تكون أعضاء الجسم، مثل الذراعين والساقين، شديدة الاسترخاء. ويزداد معدل نَبْضات القلب، ويرتفع الضغط، ويحدث انتصاب القضيب عند الرجال. وعندما يستيقظ النائم أثناء هذه المرحلة من النوم يكون قادراً على تذكر أحلامه بوضوح شديد. 
 
تستغرق دورة النوم الكاملة من تسعين دقيقة إلى مئة وعشر دقائق. إن دورات النوم الأولى من الليل تحوي فترات قصيرة من مرحلة حركة العينين السريعة وفترات طويلة من النوم العميق. 
 
ومع تقدم الليل، يزداد طول فترات حركة العينين السريعة وتتناقص فترات النوم العميق. وعند الصباح يصبح النوم كله تقريباً مكوناً من مرحلة حركة العينين السريعة ومن المرحلتين الأولى والثانية، أي مرحَلتيْ الوَسَن والنوم الخفيف. 
 
احتياجات النوم
 
تتوقف كمية النوم التي يحتاجها الشخص على عوامل كثيرة، من بينها عمر الشخص. إذ يحتاج الأطفال الرضَّع عادةً إلى ستة عشر ساعة من النوم كل يوم، في حين يحتاج المراهقون إلى تسع ساعات من النوم. 
 
إن مدة النوم المثالية للبالغين تتراوح من سبع ساعات إلى ثماني ساعات ليلاً. ومع ذلك فإن هناك فارقاً بين شخص وآخر، فقد يحتاج البعض إلى النوم خمس ساعات فقط بينما يحتاج غيرهم عشر ساعات من النوم. لا تكون حاجة المُسِنّين إلى النوم أقل من حاجة غيرهم، ولكنهم ينامون زمناً أقصر في أكثر الأحيان. 
 
يحتاج الشخص إلى مزيد من النوم إذا كان لديه نقص في النوم في الأيام السابقة. إن نقص النوم يُشبه "الدَيْن" الذي يتعين على الشخص تسديده. ففي النهاية سوف يطالبه جسمه بتسديد هذا الدين. 
 
لا ينجح الإنسان في التَكُّيف مع نقص النوم الدائم. صحيح أن الإنسان يمكن أن يعتاد على برنامج حياة قليل النوم، لكن هذا يُؤثّر تأثيراً سلبياً على قواه العقلية وسرعة استجابة عضلاته وعلى وظائف أخرى للجسم. عندما لا يحصل الإنسان على كفايته من النوم، نقول إن لديه حرماناً من النوم. 
 
إن الحرمان من النوم شيء خطير؛ فعند إجراء اختبارات قيادة السيارة أو اختبارات تناسق حركات اليدين مع العينين على الأشخاص الذين يعانون حرماناً من النوم نجد أنَّ أداءهم يكون مثل أداء الأشخاص السُكارى أو أسوأ منه. 
 
كما أن الحِرمان من النوم يجعل تأثير الكحول أكثر شدةً. إن الشخص المُتْعَب يتأثر بالكحول أكثر من الشخص المستريح. 
 
فوائد النوم الجيد
إن النوم يُحّسن قُدرة الناس على الاستيعاب، ويحسن ذاكرتهم. وكثيراًً ما يُنصح الطلاب الذين يعانون من مشكلة في فهم معلومات جديدة أو تعلُّم مهارات جديدة أن يناموا قبل درسها مجددا بعد الراحة. 
 
إن النوم يقلل من الشعور بالتوتر النفسي والانزعاج، وهو يُحَسِّن المزاج أيضاً. لهذا يقول الناس الذين يعانون قِلة النوم إنهم يشعرون بالانزعاج وإنهم غيرُ مسرورين. 
 
ويغلب أن يمرُّ كل إنسان بأوقات يعاني فيها من تأثيرات نقص النوم على ذهنه ومزاجه. ومن فوائد النوم التي قد يكون من الصعب ملاحظتها: 
 
إن النوم يمنح القلب والأوعية الدموية الراحة التي هي في أمس الحاجة إليها. وعلى العموم فإن النوم يخفض معدل ضربات القلب والضغط الدموي بنسبة 10% تقريباً. 
 
إن النوم العميق يُحرِّض على إفراز المزيد من هرمون النمو الذي يساعد على نمو الطفل. والنوم يؤثر أيضاً على إطلاق الهرمونات الجنسية التي تساعد على البلوغ وتزيد الخصوبة. 
 
ويُساعد النوم العميق الإنسان على ترميم الخلايا والأنسجة. وهذا ما يجعل الأطباء ينصحون المرضى بالراحة والنوم. 
 
تتجدد خلايا كثيرة في الجسم أثناء النوم العميق حيث تنمو وتُرمِّم الضرر الذي يصيبها جراء الإجهاد والأشعة فوق البنفسجية. ولهذا فإن النوم العميق يمكن أن يُسمّى "نوم تجديد الجَمال". 
 
 
مخاطر نقص النوم
 
إن النوم ضروري للحياة. فعلى سبيل المثال، يعيش الجُرذ عادةُ سنتين أو ثلاث سنوات. ولكن التجارب أظهرت أن الجرذ الذي يُحرم من مرحلة حركة العين السريعة في النوم لا يعيش أكثر من خمسة أسابيع. أما الجُرذان التي تُحرم من كل مراحل النوم فهي لا تعيش أكثر من ثلاثة أسابيع! 
 
إن نقص النوم يؤدي لدخول الإنسان في حالة نعاس دائم ويجعله غير قادر على التركيز، ويسبب له مشاكل في الذاكرة، ويجعل حركاتَه خالية من الهدف، ويُضعف قدرته على التفكير. وإذا استمر نقص النوم فقد يدخل المرء في حالة من الهلوسة ويُصاب بتقلبات سيئة في المزاج. 
 
كما أن للحرمان من النوم آثاراً سلبية على جهاز المناعة، فهو يُبطئ قدرة الجسم على الشفاء، وقد يجعله غير قادر على مقاومة الجراثيم التي تهاجمه. إن جهاز المناعة ضروري جداً لمقاومة النمو السرطاني في الجسم. 
 
إذا كان نوم المرء سيئاً، فإنه يكون مُعرّضاً أكثر من غيره للإصابة بالسكتات وألم الصدر واضطراب نبض القلب والنوبات القلبية وفشل القلب الاحتِقاني. 
 
يُؤثر النوم كثيراً على الشهية وعلى استخدام الطاقة وضبط الوزن. وتبين الدراسات إنه كلما قل نوم الإنسان زاد ميله إلى البدانة، وزاد ميله إلى تناول أطعمة غنية بالكالوري أو السعرات الحرارية والكَربوهيدرات. 
 
 
نعاس السائقين
 
إن نَقص النوم يُسبب الوَسَن أو النعاس عند السائقين. ويجب أن نعرف أن النُعاس الذي يصيب السائقين مسؤول عن مئات الآلاف من حوادث السيارات وعن آلاف الوفيات في هذه الحوادث كل سنة. وعلى الإنسان الامتناع عن قيادة السيارة عندما يشعر بالنُّعاس. وإذا شعر الإنسان بالنعاس أثناء قيادة السيارة فعليه أن يتوقف في مكان آمن لينام قليلاً. 
 
ومن علامات نعاس السائقين:
عدم قدرة السائق على تذكر أي شيء عن الكيلومترات الأخيرة التي اجتازها؛
تفكيره مشتت غير مترابط؛
صعوبة التركيز، أو صعوبة الحفاظ على العينين مفتوحتين، أو صعوبة الإبقاء على الرأس مرفوعاً؛
الانحراف عن الطريق؛
التثاؤب المتكرر؛
الاقتراب كثيراً من السيارة التي أمامه أو عدم الانتباه إلى إشارات السير؛
الاضطرار إلى تصحيح مسار السيارة مرة بعد مرة.
 
سارقو النوم
 
هناك عشرة عوامل تسرق النوم من العيون. ويمكن الحصول على معلومات أوفى عن كل عامل منها بالضغط عليه.
الكحول
القهوة
ممارسة الرياضة المسائية
الجو الحار
العشاء الثقيل
الأدوية
الحيوانات الأليفة
التدخين
التوتر النفسي
التلفزيون والكمبيوتر والهاتف النقال
 
 
 
نصائح من أجل النوم الجيد
فيما يلي بعض النصائح للحصول على نوم جيد:
تنظيم مواعيد النوم. فعلى الإنسان أن ينام ويستيقظ وفق مواعيد ثابتة كل يوم. فمن الصعب على الجسم أن يعتاد على تغيير مواعيد النوم.
 
 
عدم بذل جُهد بدني كبير في ممارسة الرياضة في المساء. إن ممارسة التمارين الرياضية أمر جيد، ولكن ليس قبل موعد النوم بوقت قصير. وينبغي أن يحاول الإنسان أن يكون الزمن الفاصل بين التمارين الرياضية وموعد النوم خمس أو ست ساعات. إن ممارسة التمارين الرياضية قبل المساء قد تُساعد الإنسان على تحسين نوعية وكمية نومه.
 
 
على الإنسان أن يتجنّب الكافيين والنيكوتين. إذ تحوي القهوة والكولا والشاي والشوكولاتة مادة الكافيين المنبهة، ويمكن أن يستمر تأثير هذه المواد المنبهة ثماني ساعات. لذلك فإن تناول فنجان من القهوة في وقت متأخر بعد الظهر قد يمنع الإنسان من النوم ليلاً.
 
 
إن النيكوتين مادة منبهة أيضاً، وغالباً ما يكون نوم المدخنين خفيفاً. كما أن المدخن غالباً ما يستيقظ في وقت مبكر جداً بسبب نقص النيكوتين في جسمه. 
 
تجنب شُرب الكحول. فقد يتوهم بعض الناس أن تناول كأس من الخمر قبل موعد النوم يساعدهم على النوم، ولكن الحقيقة هي أن الكحول يحرمهم من النوم العميق. كما أنهم سيميلون إلى الاستيقاظ في منتصف الليل عندما يزول تأثير الكحول.
 
 
تجنب الوجبات الثقيلة والمشروبات في آخر الليل. ولا بأس في تناول وجبة عشاء خفيفة، أما الوجبة الثقيلة فيمكن أن تسبب عسر الهَضم وتمنع الإنسان من النوم. كما أن تناول الكثير من الماء والمشروبات يُمكن أن يسبب الاستيقاظ المتكرر من أجل التبوّل.
 
 
تجنب الأدوية التي تؤثر على النوم قدر المستطاع. فبعض أدوية القلب والضغط التي يعطيها الأطباء للمرضى يُمكن أن تسبب اضطراب النوم، وكذلك يُمكن أن تفعل أدوية الربو وبعض الأدوية التي تُباع دون وصفة طبية والأدوية العُشبية التي تعالج السعال أو الرشح أو التحسس. فإذا كان الإنسان يعاني من مشاكل في النوم فعليه أن يسأل الطبيب أو الصيدلاني لمعرفة الدواء الذي يسبب له اضطراب النوم.
 
 
تجنّب النوم في آخر النهار. فالنوم لفترة قصيرة في منتصف النهار يُمكن أن تعوض الإنسان عن نقص النوم؛ ولكن النوم في آخر النهار يُمكن أن يمنع الإنسان من النوم في الليل.
 
 
على الإنسان أن يسترخي قبل الذهاب إلى السرير. وأن لا يملأ يومه بالمشاغل إلى درجة لا يترك لنفسه وقتاً للاسترخاء قبل النوم. وينبغي أن يعتاد الإنسان على بعض أساليب الاسترخاء قبل النوم، مثل الصلاة والدعاء أو الحمام الساخن أو القراءة قليلاً أو الاستماع إلى الموسيقى.
 
 
على الإنسان أن يهيئ لنفسه بيئة مناسبة للنوم. وذلك بتجنُّب كل ما يُمكن أن يعكر نومه، مثل الضجيج، أو الأضواء الساطعة، أو السرير غير المريح، أو حرارة الغرفة المرتفعة.
 
 
فقد ينام بعض الناس نوماً أفضل إذا كانت درجة حرارة الغرفة مائلة إلى البرودة.
 
 
 
الخلاصة
إن النوم ضروري جداً لأجسام الناس وعقولهم. فهو يُساعد الناس على التركيز واستيعاب المعلومات وعلى مقاومة الأمراض وتجنب التوتر النفسي. 
 
بالنسبة لمُعظم الأشخاص البالغين تكون مُدة النوم المثالية هي من سبع إلى ثمان ساعات في اليوم. لكن ثمة اختلافات بين الناس، إذ أن بعض الناس قد لا يحتاجون إلى أكثر من خمس ساعات بينما يحتاج غيرهم إلى مدة نوم طويلة قد تبلغ عشر ساعات كل يوم. 
 
قد يحتاج المرء إلى المزيد من النوم إذا لم يحصل على ما يكفيه من النوم في اليوم السابق. إن نَقص النوم لدى الشخص يُشبه "الدَين" الذي عليه أن يسدده. 
 
عندما ينام الإنسان مدة غير كافية فإن قلة النوم تنعكس على عمله وعلى قيادته للسيارة وعلى نشاطه الاجتماعي. وقد يُؤدي نقص النوم إلى السُّمنة وأمراض القلب وتراجع القُدرة على الاستيعاب الجيد والسريع. 
 
إن للنوم فوائد كثيرة. فهو يحسن الذاكرة والاستيعاب والانتباه، ويخفف من التوتر النفسي ويساعد الجسم على الاسترخاء والتجدد. 
 
هناك أشياءُ كثيرة تُسبب اضطراب النوم. يستطيع الإنسان أن يجعل نومه صحياً إذا التزم بمواعيد محددة للنوم، وإذا امتنع عن بذل الجهد البدني قبل النوم وتجنب المنبهات والأدوية التي تُسبب اضطراب النوم، وكذلك إذا هيأ لنومه بيئة مريحة هادئة قدر الإمكان.
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة