السوسنة - لا يزال البعض يواظب على إهداء المولود الجديد رمز العين الزرقاء، أو يعلقها في ملابسه او سيارته لاعتقادهم بخرافة انها تستطيع درء اللعنات والحماية منها.
وتختلف الروايات حول تفسير رمز الخرزة الزرقاء حيث يعتقد أن الشعوب السامية التي سكنت أطراف البحر المتوسط هي التي رسمت الكف التي تحمل العين الزرقاء، بهدف ترهيب الرومان الذين استعمروا بلدانهم في حقبة من التاريخ.
وتقول روايات ان العيون الزرقاء هي ما ميز الرومان عن الشعوب المستعمرة آنذاك، وهو تعبير صريح عن رفضهم للمستعمر الجديد، فكانوا يحملون عصياً في أعلاها ذلك الرمز المخيف الذي يهدد باقتلاع أعينهم، أو يكتفون بإلصاقه على أبوابهم. وفي ما بعد أصبحت رمزاً للحماية من كل شر، يحملونها في أعناقهم كقلائد أو يعلقونها على جدران منازلهم.
فيما تقول بعض الروايات إن أصل الخرزة يرجع إلى القدماء المصريين، الذين كانوا يخافون من أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء، ويرفضون وجودهم على الأراضي المصرية.
ولم تحظ أي تميمة صنعها البشر لدرء قوى الشر والحسد الخفية بما حظيت به تميمة "عين الحسد" من شعبية ومكانة وتأثير. ولا يقتصر انتشار هذه العين الزرقاء على فئات معينة دون اخرى، بل امتدت إلى مختلف فئات الناس.
وتناقلت الأجيال هذه التمائم كموروث ثقافي منذ الحضارات القديمة، وفي ظل شيوع الاعتقاد بقوة تأثير العين وما تجلبه من مصائب وكوارث لمن يصاب بها، فبحث الناس من الحضارات القديمة عن وسائل لدفع أذاها، ما أدى إلى ظهور التمائم بأشكالها المتنوعة كما نعرفها اليوم.
ويعود أول شكل من أشكال تمائم العين إلى عام 3300 قبل الميلاد. واكتُشفت هذه التمائم في تل براك، وهي واحدة من أقدم المدن في منطقة ما بين النهرين، التي كانت تضم سوريا. وكانت هذه التمائم في صورة تماثيل من حجر الألباستر ذات عيون كبيرة منحوتة.
لكن تماثيل تل براك التي يقال إنها واحدة من أقدم التمائم المكتشفة لدرء العين، مختلفة عن الخزرة الزرقاء المنتشرة في الوقت الحالي والتي لم تظهر في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط إلا نحو عام 1500 قبل الميلاد.
وارتبط ظهور الخرزة الزرقاء المصنوعة من الزجاج في جزر بحر إيجة وآسيا الصغرى بتطور صناعة الزجاج. أما اللون الأزرق فمصدره الطين المصري المصقول الذي يحتوي على نسبة مرتفعة من الأكاسيد، إذ يُنتج النحاس والكوبلت اللون الأزق عند درجة حرارة الحرق.
لاقت بعدها الخرزة الزرقاء التي يتوسطها رسم العين انتشارا واسعا في المنطقة، واستخدمها الفينيقيون والسريانيون واليونانيون والرومان، وكانت أكثر رواجا في دول حوض المتوسط وبلاد الشام. وفي أعقاب ازدهار النشاط التجاري وتوسع الإمبراطوريات، انتقلت الخرزة الزقاء إلى سائر أرجاء المعمورة.
ولشدة ولع الأتراك بهذه الخرافة «الخرزة الزرقاء»، يلجأ الباعة إلى إدخال الخرزة في معظم بضائعهم، ولم يقصروها على اللون الأزرق فحسب، بل أصبحت تأخذ ألواناً أخرى كالأحمر، والأصفر، والأخضر، وغيرها، ليجدها المشتري تخترق كل احتياجاته.
وتمكنت تركيا في العام 2014 من إدراج ما اعتبرته مجموعة من القيم الثقافية والتراثية إلى قائمة اليونسكو، وكان على رأس تلك القيم الثقافية والتراثية «ثقافة الخرزة الزرقاء».
التمائم في الحكم الشرعي
قال علماء المسلمين إن التمائم والتولة خزعبلات لا أساس لها في الشرع، بل أن الاعتقاد فيها شرك بالله وهذا لا يجوز، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الرقى والتمائم والتولة شرك".
والتمائم هي: كل ما يعلق على البيت أو الانسان أو الحيوان أو غيرها من الاشياء ، من خرز أو كف أو قلادة أو كيس أو خرقة أو أي شيء يقصد به درء الضر، أو جلب النفع.
والتولة ، بفتح التاء وكسر الواو، شيء كانت المرأة تزعم أنها تجلب به محبة زوجها، وهو ضرب من السحر.
وقال علماء المسلمين ان الوارد لمنع الحسد كما علم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سيدنا عقبة ابن عامر أن يقرأ المعوذتين وقل هو الله أحد وأية الكرسي عقب كل صلاة في الصباح ثلاثًا وفى المساء ثلاثًا، فضلًا عن قراءة أذكار الصباح والمساء.
وأجاب الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، على سائل عن "حكم التمائم والتعويذات والحجب التي تعلق للوقاية من الحسد".
وقال جمعة، خلال فيديو عبر صفحته الرسمية، إن من علق تميمة فقد أشرك لأن التميمة نوعين إما تميمة بالقرآن والحروف التي بدأ بها السور وآيات القاف والسبع المنجيات وهذه أجازها الإمام مالك.
وأكمل: أما لو كان غير ذلك سيكون تعليقه من الشرك، أما التميمة من القرآن جائزة لكن أي تميمة أخرى مرفوضة ولم ترد فيها سنة أو أثر مقبول.
وعن زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنه ، أن عبدالله رأى في عنقي خيطا ، فقال ما هذا: قلت: خيط رقي لي فيه ، قالت : فأخذه فقطعه ، ثم قال: إن آل عبدالله لاغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) رواح أحمد وأبو داود وغيرهما.
وفي ردها على سؤال حول حكم بيع الذهب بشكل عيون مع الخرزة الزرقاء، قالت دائرة الافتاء العام الأردنية في الفتوى رقم 3230، انه لا حرج في بيع الذهب والحلي الذهبية على شكل أساور أو قلائد ونحوها، أما بيعها على شكل خرزة زرقاء، وهي التي تعارف عليها الناس أنها تقي من الحسد، فلا يجوز؛ لأن بائعها أو مشتريها إن كان يعتقد أنها تقي من الحسد فقد وقع في الحرام والمحظور، وإن كان لا يعتقد ذلك فقد لبس على الناس في هذا الشأن؛ فعامة الناس تعتقد أنها تقي من العين، وهي لا تضر ولا تنفع.
فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً فِي يَدِهِ حَلْقَةٌ مِنْ صُفْرٍ فَقَالَ: (مَا هَذِهِ الْحَلْقَةُ؟) قَالَ: هَذِهِ مِنَ الْوَاهِنَةِ. قَالَ: (انْزِعْهَا فَإِنَّهَا لا تَزِيدُكَ إِلا وَهْنًا) رواه ابن ماجه.
وجاء في [حاشية ابن عابدين 6 / 363]: "وبعضهم يتوهم أن المعاذات هي التمائم وليس كذلك، إنما التميمة الخرزة، ولا بأس بالمعاذات إذا كتب فيها القرآن، أو أسماء الله تعالى... وفي الشلبي عن ابن الأثير: التمائم جمع تميمة وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم، فأبطلها الإسلام".
وفي كثرة أشكال الذهب ومصوغاته غنى عن هذه. والله تعالى أعلم.