السوسنة - كثيراً ما تمر بالبشر لحظات يعجزون فيها عن معرفة ما فيه الخير لهم، وما فيه شر لهم، فالشر أحياناً قد يكون جميلاً وجذاباً فيعتقد الكثيرون أنه الإختيار الصائب، وهذا طبيعي فقدرة الإنسان محدودة، وهو لا يعلم الغيب ، ولهذا السبب بالتحديد شرع الله لنا صلاة الاستخارة، والتي هي طلب للعون من الله في أن يقدر لنا الخير، فييسر الأمر الذي نحن بصدد الإقدام عليه إن كان خيراً، ويصرفه عنا إن كان شراً.
حكمها :
الاستخارة سنة مستحبة، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي هذه الصلاة إذا همه أمر، وكان يحث الصحابة رضوان الله عليهم على أدائها كذلك، فقد ورد عن الصحابي الجليل جَابِرٍ رضي الله عنه أنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ ..."
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ما الأمور التي تستحب الاستخارة فيها؟
تستحب الاستخارة للمسلم في كل أمور الحياة التي يباح فعلها، وخصوصاً في الأمور التي تتعلق بقرارات مهمة ذات أثر كبير في حياته، كقرار الزواج من شخص معين، أو شراء منزل أو سيارة، وغيرها من القرارات التي قد تمر به في حياته، ولكن لا تجوز الاستخارة في فعل الأمور الواجبة أو المندوبة، لأن الشرع أوجب فعل هذه الأمور وحث عليها دون استخارة، كما لا تجوز الإستخارة لفعل الأمور المحرمة أو المكروهة، لأن الشرع نهى عنها نهياً قاطعاً.
دعاء صلاة الاستخارة:
عن جَابِرٍ رضي الله عنه أنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ، يَقُولُ: إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ : ( اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ , وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ , وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ , اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (ويسمي حاجته) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ , اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (ويسمي حاجته) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ .
وَفِي رواية ( ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
كيفية أدائها:
يجب أن ينوي المسلم صلاة الاستخارة قبل البدء بها، وشرطها أن تكون ركعتان من غير الفريضة، أما عن كيفية أدائها:
- على المسلم أن يتوضأ لها وضوءه المعتاد.
- ثم يصلى ركعتين مع استحضار نية صلاة الاستخارة
- ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة "الكافرون"، وفي الركعة الثانية سورة "الإخلاص".
- بعد السلام والانتهاء من الصلاة يدعو المسلم بدعاء الاستخارة، ويستحب له أن يبدأ الدعاء ككل دعاء بحمد الله والثناء عليه والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ثم يقرأ دعاء الاستخارة.
- عندما يصل إلى هذا الجزء من الدعاء: "اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (ويسمي حاجته) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي" فإنه يسمي حاجته أي يتكلم في الأمر الذي صلى صلاة الاستخارة لأجله، كأن يستخير شخص في أمر سفره إلى الهند مثلاً فيقول:"اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر(سفري إلى الهند) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري...."
- وكذلك في الموضع الثاني: "اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (سفري إلى الهند) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي..."
- يختم المسلم دعاءه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وشكر الله وحمده، وبهذا تكون صلاة الاستخارة قد انتهت.
- يمكن للحائض أن تستخير بالدعاء فقط وبدون صلاة إذا كان الأمر عاجلاً ولا يمكنها أن تنتظر حتى تنتهي فترة حيضها، وينطبق هذا على أي شخص لديه مانع ما يمنعه من الصلاة عند الاستخارة.
ما هي نتيجة صلاة الاستخارة؟ أو ماذا أتوقع أن يحدث بعد أن أصلي هذه الصلاة؟
يتوقع كثير من الناس أنهم يجب أن يروا رؤيا معينة بعد الاستخارة، وفي الواقع لا يشترط هذا، لذلك إذا صلى المسلم الاستخارة، فعليه أن يمضي في الأمر الذي استخار فيه، فإذا تيسر هذا الأمر فهو خير بإذن الله، أما إذا تعسر الأمر ولم يتم فهو شر صرفه الله عنه.
المصدر : الموقع الاسلامي اسلام ويب