أحكام القصر والجمع في السفر

السوسنة - اختلف العلماء في أقل مسافة تسمى سفرًا، وتجري فيها أحكام المسافر إلى أقوال كثيرة أشهرها من قدرها ببضعة وثمانين كيلومتراً، ولكن الصحيح أن كل ما يعتبر سفرا في عرف الناس يحمل معه الشخص الزاد والمزاد فإنه يسمى سفرا، وإن كانت المسافة أقل من ثمانين كيلو متر.

ذهب كثير من أهل العلم إلى أن المسافر إذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه لا يسمى مسافرًا ولا يترخص برخص السفر، وأنَّ عليه أن يتم الصلاة  ، ولكن الصحيح أن المسافر ما دام لم ينوي الإقامة في البلد الذي هو فيه، وإنما سفره كان لحاجة متى انتهت هذه الحاجة عاد إلى بلده فإنه يعتبر مسافراً يترخص برخص السفر، وإن كان يعلم أن مدة إقامته ستزيد على أربعة أيام .


وهذا هو قول شيخ الاسلام وتلميذه والشيخ ابن تيمية:"  وأما من تبين له السنة، وعلم أن النبي  - صلى الله عليه وسلم -  لم يشرع للمسافر أن يصلي إلا ركعتين، ولم يحدد السفر بزمان أو مكان، ولا حدد الإقامة بزمن محدد، لا ثلاثة ولا أربعة ولا اثنا عشر، ولا خمسة عشر، فإنه يقصر كما كان غيره واحد من السلف يفعل، حتى كان مسروق قد ولوه ولاية لم يكن يختارها، فأقام سنين يقصر الصلاة وقد أقام المسلمون 'بنهاوند' ستة أشهر يقصرون الصلاة، وكانو يقصرون الصلاة مع علمهم أن حاجتهم لا تنقضي في أربعة أيام، ولا أكثر، كما أقام النبي  - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بعد فتح مكة قريباً من عشرين يقصرون الصلاة، وأقامو في مكة عشرة أيام يفطرون في رمضان، وكان النبي  - صلى الله عليه وسلم  - لما فتح مكة يعلم أنه يحتاج أن يقيم بها أكثر من أربعة أيام، وإذا كان التحديد لا أصل له، فما دام المسافر يقصر الصلاة ولو أقام في مكان مشهورا". 

ما هو المقصود بالقصر؟ 
القصر هو أن يصلي المسافر الصلاة الرباعية ركعتين، وهي صلاة الظهر والعصر والعشاء، أما الصبح فهي ركعتان أصلاً، والمغرب ثلاث ركعات ليس فيها قصر. 

ويبدأ القصر للمسافر إذا فارق جميع بيوت مدينته أو بلدته التي خرج منها، فلو كان مسافرًا بالسيارة وبمجرد مغادرته بيوت بلدته له أن يقصر،ودليل ذلك ما ثبت في البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وعلى هذا أجمع أهل العلم كما نقله عنهم ابن المنذر وغيره. 

ولو سافر بالطائرة، وكان المطار خارج البلدة، فإنه يقصر لصلاة في المطار، ولكن لا بد للمسافر أن يجمع بين الخروج والقصر، فلو خرج ولم يقصد أو قصد ولم يخرج فلا يكون مسافراً. 

أما الصلوات التي تجمع هي الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، فإذا جاز الجمع صار الوقتان وقتًا واحدًا، فإذا أراد أن يجمع بين الظهر والعصر، فله أن يجمع في أي وقت شاء من دخول وقت الظهر إلى نهاية وقت العصر بإصرار الشمس، أو عند مغيبها عند الضرورة ولا يلزمه أن يجمع فقط في أول وقت الظهر أو أول وقت العصر، بل له أن تجمع في أي وقت شاء بين الوقتين بحسب ما يراه مناسباً لحاله، ولا يجوز أن يجمع بين الفجر والظهر أو العصر والمغرب أو العشاء والفجر. 

وليس الجمع خاصًا بالسفر كالقصر، بل باب الجمع أوسع ؛ فللمقيم أن يجمع بين الصلاتين إذا كانت هناك مشقة وخرج يقع عليه إذا صلى كل صلاة في وقتها وترتفع هذه المشقة بالجمع فله أن يجمع. 

والذي عليه كثير من أهل العلم كالشافعية والحنابلة أنه يجوز أن يجمع المسافر إذا كان نازلا، ولكنه إذا أدى كل صلاة في وقتها فهذا أفضل. وإذ قال الشيخ ابن عثيمين: " والصحيح أن الجمع للمسافر جائز غير مستحب إن جمع فلا بأس، وإن ترك فهو أفضل " . 

والذي ذهب إليه شيخ الاسلام ابن تيمية أن الموالاة، ليست شرطاً في الجمع بين الصلاتين، فلو صلى الأولى ولم يكن ناويا للجمع ثم بعد مدة بدا له أن يجمع للحاجة فله ذلك لأنه إذا جاز الجمع أصبح الوقتان وقتاً واحداً. 

وقال الشيخ ابن باز:" المشروع ترك الرواتب في السفر ما عدا الوتر وسنة الفجر لأنه ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عمر وغيره أنه كان يدع الرواتب في السفر ما عدا الوتر وسنة الفجر، أما النوافل المطلقة فمشروعة في السفر والخضر، وهكذا ذوات الأسباب كسنة الوضوء وسنة الطواف وصلاة الضحى والتهجد في الليل بأحاديث وردت في ذلك".

 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة