من هو صاحب سر رسول الله ؟

السوسنة - هو حذيفة بن اليمان ، وقد نشأ في بيت مسلم ، وتربى في كنف أبوين كانا من السابقين إلى الإسلام ، فأسلم حذيفة - رضي الله عنه - قبل أن ترى عيناه رسول الله ، حيث أنه مكي الأصل ولكن عاش بالمدينة بعدما ذهب لها أبوه اليمان فرارا من قصاص عليه ، الا ان حذيفة كان يتردد بين مكة والمدينة دون أي قيد أو خوف ، والشوق يغمر أعماقه للقاء رسول الله ، فمنذ أن أسلم وهو يتتبع أخبارالنبي ، ويلح على رأوه في السؤال عن أوصافه ، حتى رحل إلى مكة ليلقاه ويكحل ناظريه برؤيته .  ولما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله : أمهاجر أنا أم أنصاري يا رسول الله ؟ فاخبره الرسول أن يختار لنفسه ما يحب . واختار حذيفة رضي الله عنه أن يكون أنصاريا . 


وبعد الهجرة إلى المدينة لازم حذيفة النبي - صلى الله عليه وسلم - ملازمة العين لأختها ، وقد شهد معه الغزوات كلها إلا بدرا .
وتجلى للنبي من خلال ملازمة حذيفة له أن فيه ثلاث صفات فريدة : وهي ذكاء فذ يُسعفهُ على حل المعضلات بشكل سريع ، وبديهة عالية تُلبيه كلما احتاجها ، وكتمان شديد للسر فلا يخرج من أعماقه كلمة .


ولأن الرسول كان يكتشف مزايا أصحابه ، ليفيد الإسلام من طاقتهم الكامنة ، فقد وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، وكانت إحدى أكبر المشاكل التي تواجه المسلمين في المدينة ؛ وجود المنافقين  الذين يحيكون للنبي - عليه الصلاة والسلام - وأصحابه مكائد ودسائس تضر بالإسلام والمسلمين .

ورأى النبي صلوات الله عليه أن يفضي لحذيفة بن اليمان بأسماء المنافقين ، وجعله سِر لم يُطلع عليه أحدا غيره من أصحابه ، ليقوم حذيفة برصد حركاتهم ويتتبع أعمالهم ليدرء خطرهم عن الإسلام والمسلمين ، ومنذ ذاك الحين سمي حذيفة ابن اليمان بصاحب سِرِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

واستعان النبي أيضا ببديهة وذكاء حذيفة في موقف كان من أشد المواقف خطرا ، وأحوجها إلى ذكاء فذ وبديهة حاضرة ، وكان هذا الموقف في ذُروةِ غزوة الخندق ، عندما أحاط الأحزاب بالمسلمين من فوقهم ومن تحتهم وطال بهم الحِصار واشتد البلاء ، وبلغ الجهد والضنك بالمسلمين كل مبلغ .

ولم تكن أيضا قريش وأحلافها من الأحزاب بحال أحسن خلال تلك الساعات ، حيث صبَّ عليهم الله عز وجل من غضبه ما أوهَنَ قواهم وزلزل عزائمهم فأرسل عليها ريحاً صرصرا تَقلِب خيامهم وتكدر أحوالهم . 
 ولما بعثه النبي ليخترق صفوف المشركين والأحزاب ، قال له أن يتحسس أمورهم وينضم لاجتماعهم ليعلم ما يقولون وما يخططون له ، دون أن يحدث فيهم أمرا ، وكان في هذه المهمة شديد الحرص والحذر والذكاء مع أنها مهمة غاية في الصعوبة  .  وأفلح حذيفة بما أرسله به النبي دون أن يعلم أحد من المشركين بوجوده وعاد ليخبر النبي بما سمع ، ويكشف للمسلمين خطط الأحزاب. 
فرضي الله عنه وأرضاه . 

 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة