السوسنة - تميز صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشجاعة لا مثيل لها ، وهي ليست وليدة الفراغ ؛ إنما هي نابعة من إيمان قوي بالله سبحانه وتعالى ، وتصديق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - .
وكان لكل صحابي ميزة يمتاز بها عن بقية أصحابه أما لقب " المرقال " فقد كان هو للصحابي الجليل هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، وهو ابن أخ سعد بن أبي وقاص .
لقب هاشم بالمرقال ؛ لأنه كان يرقل في الحرب أي يسرع للمعركة ولقاء العدو ، وكان من خيرة الصحابة فكان صالحا زاهدا ، وهو أيضا أخو مصعب بن عمير لأمه ، وكان إسلامه يوم فتح مكة ، وحسن إسلامه ، وانقلب من عدو لله ورسوله إلى ولي حميم لله ولرسوله ولدينه كذلك ، وذهبت إحدى عيناه يوم اليرموك ، وهو من فتح جلولاء ، بعدما عقد له سعد اللواء ووجهه ، وفتح الله عليه حينها بالنصر وفتح جلولاء.
أما حينما خرج هاشم مع عمه سعد بن أبي وقاص لفتح بلاد الفرس ، ولإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، في ذلك الموضع أبلى هاشم بلاء حسناً ، وكان بما فعل قدم لدين الله أيامه بيضاء غراء.
ومن تلك الأيام التي وضع فيها هاشم بصمات ناصعة على جبهات التاريخ الإسلامي -رضي الله عنه - كان يوم " مظلم ساباط " وهو مكان في العراق .
حيث أنه في هذا المكان تجمع عدد كبير من كتائب مقاتلي كسرى حاكم الفرس ، وكانوا يقسمون كل يوم أن لن يزول ملك فارس ما عاشوا أبدا ، وكانوا قد أعدوا أسدا ضخما وكبيرا ، اسمه "المقرط" ليضعوه في طريق المسلمين الذين يريدون فتح فارس ظانين بذلك أن المجاهدين في سبيل الله سيخافون ويفرون من أسد يواجههم ، بينما هم الذين يضعون أرواحهم على راحة كفوفهم ويقدمونها في سبيل الله وسبيل رفعة ونشر هذا الدين
إلا أن الفرس لم يعلموا أن رضا رب العالمين، والفوز بجنانه هو مطلوبهم ، في علاه قادر أن يحوله عليهم ، تماما كفيل أبرهة الأشرم .
وعند تقدم المسلمون للقتال ، سيَّب الفرس الأسد ليواجه صفوف المسلمين ، وقد كان هاشم في مقدمة الجيش -رضي الله عنه - ، فتقدم مسرعا نحو إلى الأسد ، وقتله ، وجنود الفرس ينظرون بحيرة وانبهار ، فكبر بعدها المسلمون تكبيرة فزعت لها قلوب الفرس ، وبذلك استمر هاشم في تقدمه السريع ومن ورائه المسلمين الفاتحين .
وشن حملة شديدة على الفرس أزالتهم عن أرضهم ، وتحقق نصر عظيم ومذهل زلزل الفرس بفضل من الله .
وفي يوم النصر هذا جاء سعد بن أبي وقاص وقبَّل رأس هاشم ابن أخيه ؛ تكريماً له .
ومن يومها لقب سيف هاشم بـ" المنن". فرضي الله عن هاشم ، وعن صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - أجمعين .