حكم وضع الكحل للمرأة

السوسنة - الكحل مادة معروفة عند العرب القدماء وهي تستخدم للزينة وللتداوي، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه استخدمه وحث على استخدامه، ومن ذلك ما ثبت من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم :( كان يكتحل في عينه اليمنى ثلاث مرات ، واليسرى مرتين) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن من خير أكحالكم الإثمد إنه يجلو البصر وينبت الشعر" رواه النسائي وأبو داوود
وقد أخبر ابن القيم في كتابه زاد المعاد عن فوائد الكحل فقال:" وفي الكحل حفظ لصحة العين وتقوية للنور الباصر وجلاء لها وتنظيف المادة الرديئة واستخراج لها ، مع الزينة في بعض أنواعه"

كما ورد فيما يروى في كتب التاريخ، أن زرقاء اليمامة التي اشتهرت بقوة إبصارها حتى أنها كانت ترى من مسيرة ثلاثة أيام، كانت تكتحل بالأثمد وكان هذا سببا في قوة البصر لديها.

ومع كل هذه الفوائد الثابتة في التاريخ والسنة للكحل، يظهر السؤال عن حكم استخدام المرأة للكحل عند خروجها من المنزل، وهل يعتبر من الزينة التي لا يجوز أن تظهرها المرأة أمام الأجانب، أم أنه يمكن أن يعتبر مادة موضوعة بغرض التداوي فلا يكون في الخروج به حرج؟ 


- ما حكم خروج المرأة من بيتها وهي تضع الكحل؟ وهل هو زينة يحرم خروجها بها؟

اختلف أهل العلم في هذا الموضوع، وسبب اختلافهم هو أن الكحل قد يوضع للزينة أو للتداوي، ولذلك فمن أهل العلم من  اعتبره من الزينة الظاهرة المشمولة بقول الله تعالى: "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها"  سورة النور 31
وقد أورد القرطبي في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ما ظهر من الزينة هما الكحل والخاتم، ولكن من قالوا بهذا القول شددوا على أن لا يكون الكحل الموضوع مبالغاً في رسمه وتحسينه لئلا يكون لافتاً للنظر مثيراً للفتنة، أو أن تضعه من ترتدي نقاباً ذا فتحة واسعة للعينين، فتظهر عينيها بالكحل بشكل لافت مثير للانتباه، فهذه زينة واضحة وصريحة وقد تكون باباً للفتنة، والأمر في النهاية مرجعه إلى النية، والشخص أدرى بما في قلبه، فالأعمال بالنيات، وكل يحاسب على نيته. 

ومن أهل العلم من ألحق الكحل بالزينة التي يجب سترها، لما لها من أثر تجميلي واضح في الوجه، وذلك لأن المرأة مأمورة أن تجتهد في إخفاء زينتها بقدر ما تستطيع ، ويستثنى ما يظهر من زينتها ولا تستطيع إخفائه، ومن الواضح أن هذا لا ينطبق على الكحل، فالكحل تمكن إزالته والخروج بدونه بكل سهولة، ولا مشقة أو تكلف في هذا، كما أشار البعض إلى أن المرأة المعتدة لوفاة أمرت بأن تتجنب وضع الزينة ومن ضمنها الكحل حتى في بيتها طيلة فترة عدتها، وهنا يتضح أن المرأة التي تخرج ويراها الأجانب أولى بأن تتجنب وضع أي نوع من الزينة بما فيها الكحل. 

ولذلك فإن من الأحوط للمسلمة أن تمتنع عن وضع الكحل عند الخروج من المنزل، خصوصاً إن كانت ترى أنه يزيد من جمالها ويجعلها ملفتة للانتباه، وذلك تجنباً للشبهات، وأخذاَ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك." رواه الترمذي.

 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة