مشورة أم سلمة لرسول الله

السوسنة - لم تكن المرأة المسلمة في عهد النبوة وصدر الإسلام مجرد زوجة تقوم بأعمال البيت ، وأم لأطفال تربيهم وتنشئهم تنشئة حسنة ؛ على عظم هذا الدور وأهميته ، بل وكانت المرأة أيضا صاحبة رأي ومشورة ، وأول مثال قد يتبادر على  أذهاننا ؛ أم سلمة زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وهي هند بنت أمية ، وقد تزوجت قبل زواجها لرسول الله ، من عبدالله بن عبد الأسد  بن مخزوم ، وقد أسلمت وزوجها وهاجرا إلى الحبشة ، وولدت هناك ابنها سلمة ، ثم رجعوا إلى مكة المكرمة ، وبعدها هاجروا للمدينة.

وفي حياة زوجها عبد الله بن مخزوم كانت قد طلبت منه أن يتعاهدا هما الاثنان على ألا يتزوج بغيرها إذا ماتت ، وألا تتزوج هي إذا مات هو قبلها ، ولكن عبد الله طلب منها أن تتزوج إذا مات هو أولا ، ثم قال : اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلا خيرا مني ، لا يحزنها ولا يؤذيها .


ومات أبو سلمة ، فتساءلت هي في نفسها ولم تكن راغبة في الزواج : من خير لي من أبي سلمة ؟ وقضت عدتها ، ثم تقدم لخطبتها أبوبكر فردته ، ثم خطبها عمر فردته ، ثم بعد ذلك خطبها رسول الله وتزوجها.

ومما عرف عن أم سلمة حسن الرأي الصائب ، فقد شاورها الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، بعد أن حدث صلح الحديبية بين المسلمين والكفار ، وحيث أنه كان من شروط الكفار ألا يدخل المسلمون في هذه المرة لزيارة الكعبة وأداء العمرة ، ويعودوا في العام القادم ،وكان ذلك بعدما أحرم الصحابة عازمين على أداء المناسك ، وبعدما أنهوا كتابة وثيقة الصلح ، طلب رسول الله من المسلمين أن يتحللوا من إحرامهم وينحروا ، ويحلقوا رؤوسهم . إلا أنه لم يقم أحد من الصحابة ليفعل ذلك ، فأعاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - طلبه ثلاث مرات ولم يستجيبوا أو يفعلوا .

فدخل رسول الله على أم سلمة مهموما وذكر لها ما حدث من المسلمين ، فقالت - رضي الله عنها - : يا رسول الله ، أتحب أن يفعلوا ذلك !  فاخرج ولا تكلم أحدا منهم حتى تنحر بُدنك (ذبيحتك) وتدعو الحلاق فيحلق لك .

 وخرج رسول الله وفعل بما أشارت عليه أم سلمة ، فما كان من المسلمين إلا أن اقتدوا بالنبي فنحروا وحلق بعضهم لبعض ، و حلت المشكلة بهذا . 


وقد روت السيدة أم سلمة عن رسول الله الكثير من الأحاديث ، وأخذوا الصحابيات عنها كثيرا من أحكام فقه النساء. وكانت أم سلمة هي آخر من توفي من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم .