الإمارات تجمع أكبر رمزين دينيين فـي العالم

السوسنة  -  تجمع أرض الإمارات فضيلة الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، لتنسيق الجهود بين الأزهر الشريف والفاتيكان من أجل ترسيخ قيم السلام، ونشر ثقافة التسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والدول، وحماية الإنسان من العنف والتطرف.

واللقاء المرتقب الذي ينظر إليه العالم باهتمام بالغ لاستكمال جهود ومسيرة السلام العالمي ليس الأول بين أكبر رمزين دينيين في العالم، حيث سبقته قمة تاريخية بمصر في أبريل 2017 خلال مشاركة قداسة البابا فرنسيس في مؤتمر الأزهر للسلام العالمي، وقمة في روما خلال نوفمبر من العام نفسه خلال مشاركة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف في الملتقى العالمي الثالث «الشرق والغرب نحو حوار حضاري».
 
وكان البابا فرنسيس، زار مصر لأول مرة الخميس 27 أبريل 2017 ولمدة يومين، تلبيةً لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.
 
واعتبرت الزيارة على درجة كبيرة من الأهمية في تاريخ المؤسستين، فالأزهر أكبر مؤسسة سنية في العالم تمثل الإسلام الصحيح الوسطي المعتدل، والفاتيكان أكبر مؤسسة مسيحية على مستوى العالم، ويجمعهما قواسم مشتركة في تحقيق السلام، خاصة في الشرق، ومن أجل خير المجتمع الإنساني كله، والمؤسستان تجتمعان حول وحدة الهدف في العمل على التصدي للتطرف والإرهاب، وتوجيه الجهود لتسوية قضايا منطقة الشرق الأوسط ونشر قيم السلام والتسامح والتكافل بين البشر.
 
وخلال السنوات الأخيرة تطورت العلاقة بين الأزهر والفاتيكان، وشهدت رغبة متبادلة في تعميق مجالات التعاون وترسيخ الحوار، وتجسد ذلك في الزيارة التي قام بها فضيلة الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر للفاتيكان، وصدر عنها بيان مشترك يؤكد القيم المشتركة، وضرورة إرساء السلام والتعايش في العالم، كما أكد الأزهر والفاتيكان في أكثر من مناسبة الاحترام المتبادل وإعلاء روح التسامح والمحبة بين المجتمعات والشعوب، وتم إطلاق عدد من المبادرات لمكافحة العبودية والعنف والتطرف والإرهاب، وتعزيز القيم والأخلاق، وإصدار وثائق مهمة تدعو للوسطية والاعتدال وترفض الكراهية والعدوان.
 
مؤتمر الأزهر للسلام
القمة الأولى التي جمعت الرمزين الدينيين كانت في أبريل 2017 حيث عقد الأزهر الشريف مؤتمر الأزهر للسلام العالمي، ودعا إليه قداسة البابا فرنسيس، وهي أول زيارة له لمصر، بل والأولى لدولة عربية مسلمة، بعد تنصيبه رأساً للكنيسة الكاثوليكية خلفًا للبابا بنديكتوس السادس عشر.
 
وفي كلمته في ختام مؤتمر السلام، وصف البابا فرنسيس، الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بـ «أخيه الأكبر»، واستهل كلمته أمام مؤتمر الأزهر العالمي للسلام، بحضور فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر الشريف، بتحية الحضور باللغة العربية قائلاً: «السلام عليكم»، وردت القاعة بالتصفيق ورد السلام.
 
وأكد البابا فرنسيس في كلمته أن العنف يؤدي إلى العنف، والشر يؤدي إلى الشر هذه الحكمة، وكرامة الإنسان غالية وعزيزة على الله.
 
وأضاف: لا سلام دون الشباب واحترام الآخر والانفتاح على الحوار البناء، مؤكداً أهمية العيش المشترك قائلاً: «هذا التآلف والتآخي أصبح ضرورة ملحة، وهناك جبل يرمز للتآخي في سيناء، وندعو أن تشرق شمس أخوة جديدة على هذه الأرض التي تمثل مهد الحضارة والسلام».
 
وأكد البابا في كلمته نبذ كل أشكال العنف والكراهية، قائلاً: «من هذه الأرض التي تمثل لقاء السماء والأرض لابد أن نكرر رفضنا الواضح لأي شكل من العنف والانتقام والكراهية، ولابد أن نطلب من الله أن يهبنا السلام لنصل إلى الوئام والتعاون والصداقة».
 
وقال شيخ الأزهر موجهاً حديثه للبابا: «وإنا لنقدر لكم - حضرة البابا - تصريحاتكم المنصفة التي تدفع عن الإسلام والمسلمين تهمة العنف والإرهاب، وقد لمسنا فيكم، وفي هذه الكوكبة من آباء الكنائس الغربية والشرقية، حرصاً على احترام العقائد والأديان ورموزها، والوقوف معاً في وجه من يسيء إليها، ومن يوظفها في إشعال الصراع بين المؤمنين».
 
البابا في مشيخة الأزهر
وشهدت مشاركة البابا في مؤتمر الأزهر العالمي زيارة تاريخية أخوية من البابا لمشيخة الأزهر الشريف، حيث استقبله أخوه فضيلة الإمام الأكبر بترحاب كبير، مؤكداً له أن الزيارة رسالة سلام للناس جميعًا على أساس أن الأزهر والفاتيكان يمثلان رمزية كبرى لدى أتباع الإسلام والمسيحية في العالم، موضحًا أن الأزهر يقود حملة عالمية لنشر السلام بين علماء ورجال الأديان، والتي بدورها تؤدي إلى السلام بين أتباع الأديان، وذلك انطلاقًا من دور الأزهر التاريخي في نشر السلام الذي هو رسالة الإسلام إلى العالم.
 
وأعرب قداسة البابا فرنسيس عن تقديره لفضيلة الإمام الأكبر على دعوته للمشاركة في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام، وقدم لفضيلته الشكر على عقد المؤتمر في هذه الظروف التي يعيشها العالم، مؤكداً أنه لا بد من العمل معاً من أجل تعزيز السلام وإشاعة روح التعاون والصداقة، قائلاً: «أننا بحاجة اليوم إلى بناة سلام لا إلى محرضين على الصراعات التي لا تحقق السلام والاستقرار».
 
ملتقى الشرق والغرب
وفي السابع من نوفمبر من عام 2017 ووسط ترحيب كبير واهتمام واسع، التقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين؛ البابا فرنسيس، بالمقر البابوي، بمدينة روما، خلال مشاركة الطيب في الملتقى العالمي الثالث «الشرق والغرب نحو حوار حضاري».
جاء اللقاء الذي يمثل القمة التاريخية الثانية بين الرمزين؛ ليؤكد عملياً على استمرار تقوية أطر الحوار الحضاري بين الشرق والغرب، وتنسيق الجهود بين الأزهر الشريف والفاتيكان من أجل ترسيخ قيم السلام، ونشر ثقافة التسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والدول، وحماية الإنسان من العنف والتطرف.
 
واحتلت قضايا النزاعات الطائفية والاضطهاد الديني والعنصرية إلى جانب قضايا نشر السلام والتسامح وقيم العدل والمساواة صدارة مباحثات فضيلة الإمام الأكبر مع قداسة البابا فرنسيس، حيث أكد فضيلة الإمام الأكبر العمل المشترك في تبني حوار جاد بين جميع الأطراف لحل النزاعات، والتأكيد على براءة الأديان من دعاوى العنف والتطرف.
 
وتطرق الحديث بين فضيلة الإمام وقداسة البابا إلى بحث الجهود المشتركة من أجل السلام، خاصة ما بعد مؤتمر السلام العالمي الذي عقده الأزهر ومجلس حكماء المسلمين بالقاهرة، وحظيت رسالة شيخ الأزهر والبابا باهتمام بالغ وواسع النطاق في مختلف الأوساط الشرقية والغربية.
 
لقاء ودي
وفي أكتوبر الماضي التقى شيخ الأزهر الشريف، البابا فرنسيس، في إطار زيارة الطيب إلى إيطاليا، وأعرب الطيب عن سعادته بهذا اللقاء الودي الذي يجمعه بـ «أخيه وصديقه» البابا فرنسيس، مضيفاً: «البابا يجسد نموذج رجل الدين المتسامح والمعتدل، والمهموم بقضايا ومعاناة الفقراء والمستضعفين والمشردين، وهو أمر يشاطره الأزهر الشريف الاهتمام به؛ كونه يمثل جوهر تعاليم الأديان، التي ما نزلت إلا من أجل خير البشر وسعادتهم، ولحثهم على التراحم والتعاطف فيما بينهم».
 
كما رحب قداسة البابا فرنسيس بوجود شيخ الأزهر الشريف بروما، وأكد أنه يعتز بشخص شيخ الأزهر وبنشاط فضيلته المكثف لنشر قيم السلام والمحبة والعيش المشترك بين البشر عالمياً. وأبدى البابا فرنسيس تقديره لتلك الزيارة من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وهنأ فضيلته بتكريمه من جامعة بولونيا، مقدراً الدور المهم لفضيلته في دعم قيم السلام والحوار عبر العالم، ومؤكدًا أن الفاتيكان يتطلع لمزيد من التعاون والعمل المشترك مع الأزهر الشريف، قائلاً: «العالم في حاجة لجهود من يشيدون جسور التواصل والحوار، وليس من يبنون جدران العزلة والإقصاء».
 
الطيب في ضيافة البابا
وفي لفتة إنسانية خلال الزيارة، أصر البابا على دعوة أخيه شيخ الأزهر، لتناول الغداء في منزله، وذلك في لمسة أخوية معبرة، عقب لقاء القمة الخاص، الذي جمعهما، واصطحب البابا فرنسيس فضيلة الإمام الأكبر، سيراً على الأقدام، إلى منزله القريب من المقر البابوي، وأخذ كل منهما بيد الآخر في مشهد يعبر عن الأخوة الصادقة التي تربط بين الرمزين الدينيين الأبرز في العالم، واستمر هذا اللقاء الأخوي الخاص قرابة الساعتين ونصف الساعة في جو مفعم بروح المحبة والأخوة.
 
شكر
انطلاقاً من روح المحبة والمودة بين الرمزين الدينيين أجرى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، اتصالاً هاتفياً، في شهر ديسمبر 2018 بقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، لتهنئة قداسته بحلول أعياد الميلاد، وبمناسبة عيد ميلاد البابا الثاني والثمانين.
 
وأعرب فضيلة الإمام الأكبر، خلال الاتصال، عن خالص تهانيه لقداسة البابا ولكافة الأخوة المسيحيين في العالم، بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح، عليه السلام، كما هنأ فضيلته البابا بعيد ميلاده الثاني والثمانين.
 
من جانبه، أعرب البابا عن شكره لفضيلة الإمام الأكبر على تلك اللفتة الطيبة الجميلة، التي تعبر عن إنسان مخلص يحمل المحبة الصادقة في قلبه، مؤكداً سعادته بتجدد اللقاء مع شيخ الأزهر في أبوظبي.
 
ووجه البابا فرنسيس رسالة شكر لفضيلة الإمام الأكبر، رداً على رسالة التهنئة التي بعث بها فضيلته إلى البابا في 25 ديسمبر الماضي بمناسبة الاحتفال بأعياد الميلاد السعيدة.
 
وقال البابا فرنسيس في رسالته: «أشكركم على هذه اللفتة الأخوية وكلماتكم الحكيمة، وانضم مع الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة في الصلاة ليبارك الله الواحد القدير الرحيم، في كل خطوة صادقة لتعزيز التعايش السلمي بين البشرية».
 
حوار
شهدت مشيخة الأزهر الشريف، في 22 فبراير 2017، أول اجتماع منذ 2010 للجنة المشتركة للحوار بين الأزهر الشريف، والمجلس البابوي للحوار بين الأديان بالفاتيكان، لدراسة «دور الأزهر الشريف والفاتيكان في مجابهة ظاهرة التعصب والتطرف والعنف باسم الدين»، في عودة للحوار المشترك بين المؤسستين الكبيرتين.
 
حضر الندوة، الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف السابق، والكاردينال توران، رئيس المجلس البابوي للحوار في الفاتيكان، والدكتور محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف الأسبق.
 
ندوة
عقد مركز الحوار بالأزهر الشريف، والمجلس البابوي للحوار بين الأديان بالفاتيكان، ندوة بمقر مشيخة الأزهر، في ختام فعاليات ندوة «دور الأزهر والفاتيكان في مواجهة ظواهر التعصب والتطرف والعنف»، أوصت بأهمية الحوار بين مركز الحوار بالأزهر الشريف والمجلس البابوي للحوار بين الأديان، وتفعيل القيم الإنسانية المشتركة في مواجهة التعصب والتطرف والعنف والإرهاب من فقر وأمية وجهل، وتوظيف الدين توظيفاً سياسياً، وأهمية احترام التعددية الدينية والمذهبية والفكرية.
 
وأكدت الندوة موقف مركز الحوار بالأزهر الشريف والمجلس البابوي للحوار بين الأديان من اعتماد الحوار أساسًا للعلاقات بين الدول والشعوب والأفراد والحضارات والأديان من أجل ترسيخ السلام والأمن والاستقرار، ورفض جميع أشكال التعصب والتطرف والعنف.
 
رسالة
استقبل شيخ الأزهر الشريف، سفير الفاتيكان بالقاهرة وبرفقته وفد كاثوليكي ليقدم خالص تعازي البابا لفضيلته في ضحايا الحادث الإرهابي الأليم الذي استهدف مسجد الروضة بشمال سيناء، وأدى إلى استشهاد مئات المصلين الأبرياء.
وأكد سفير الفاتيكان خلال اللقاء أن هذا المصاب آلمنا جميعاً، وقام بتسليم الإمام الأكبر رسالة عزاء من البابا فرنسيس، في المصاب الكبير.
 
 
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة