ما حكم زكاة ذهب المرأة غير المستعمل

السوسنة

الزكاة بالذهب والفضة من مسائل الخلاف بين أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، وقد دل الكتاب والسنة على وجوب رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ عملاً بقوله تعالى: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59].

وإذا رددنا هذه المسألة إلى الكتاب والسنة وجدناهما يدلان دلالة ظاهرة على وجوب الزكاة في حلي النساء من الذهب والفضة، وإن كان هذا للاستعمال أو العارية؛ ومثل ذلك ما تحلى به السيوف والخناجر من الذهب والفضة إذا كان الموجود من ذلك نصاباً، أو كان عند مالكه من الذهب أو الفضة أو عروض التجارة ما يكمل النصاب، وهذا القول هو أصح أقوال أهل العلم في هذه المسألة، والدليل على ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ۝ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:34-35].
 ومن السنة المطهرة ما ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله ﷺ أنه قال: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا صفحت له يوم القيامة صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار[1].

وفي هذا الشأن سألت احدى السيدات اذا كان الذهب يحسب في النصاب، وتجب فيه الزكاة أم لا؟ وقالت:

1- أسورة أهدتني إياها أم زوجي -التي أحبها جدا- وأستبعد بيعها، لكنني لا أرتديها، لأنها ملفتة، وأخاف أن أخرج بها.. فهي مركونة.. فهل تجب فيها الزكاة؟
2- حلي للأطفال تم شراؤه لهم، لكنهم لا يلبسونه، لصغر سنهم.. فهو أيضا مركون منذ سنين، إلى حين استفادتهم منه -بإذن الله- فهل تجب فيه الزكاة؟
- الإشكال عندي هو أن الزينة مهما كانت هي مال إذا -لا قدر الله- ضاق بنا الحال.
وشكراً.

الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فطالما أن هذه الأسورة التي أهدتها لكِ أم زوجكِ معدة للاستعمال، والزينة المباحة، فلا زكاة فيها مهما بلغ ثمنها، ولو لم تُلبس.

قال البهوتي في كشاف القناع عن متن الإقناع: ولا زكاة في حلي مباح لرجل وامرأة، من ذهب وفضة، معد لاستعمال مباح، أو إعارة، ولو لم يُعر، أو يُلبس؛ حيث أعد لذلك. انتهى.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في بيان ما فيه الزكاة، وما لا زكاة فيه: وَيُزَكَّى مِمَّا ذُكِرَ مُحَرَّمٌ: كَآنِيَةٍ، وَمَكْرُوهٌ: كَضَبَّةِ فِضَّةٍ صَغِيرَةٍ لِزِينَةٍ، حُلِيًّا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ... لَا حُلِيٌّ مُبَاحٌ كَسِوَارٍ لِامْرَأَةٍ.

وكذلك حلي الأطفال -إن كنت تقصدين البنات- لا زكاة فيه، حيث اشتري لهن، لتزينهن به، لا لجعله كنزًا يحفظ فيه المال، وقد نص الحنابلة على أن الحلي المعد لاستعمال مباح لا زكاة فيه، ولو لم يستعمل.

قال البهوتي في كشاف القناع: ولا زكاة في حلي مباح لرجل وامرأة من ذهب، وفضة، معد لاستعمال مباح، أو إعارة، ولو لم يعر، أو يلبس، حيث أعد لذلك. انتهى.

وأما كون الحُلي المتخذة للزينة من جملة المال، فهذا صحيح، ولكن الشريعة استثنت هذا النوع من المال، فلم توجب فيه الزكاة؛ لأنه لم يتخذ للنماء، فهو كالمقتنيات الشخصية: الملابس، والبيوت والمراكب، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى: 127824.

إسلام ويب