وصفات نبوية لأمراض معاصرة

 أحمد غانم 

 

يبني الإسلام تعاليمه على الواقع، ولا يعيش في دنيا الخيال، فهو يقدر ظروف المريض، وينزل على حكم المرض، فيطلب من المرضى أن يلتمسوا وسائل العلاج، ويتداووا مما ألمّ بهم من أمراض، لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء غير داء واحد، فقالوا: ما هو؟ قال : الهرم ".
 
وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: "لكل داء دواء، فإذا أصاب الدواء الداء برئ بإذن الله"، فالإسلام حث الإنسان على التداوي والبحث عن الدواء النافع مع اعتقاده بأن الشفاء من عند الله، وما هذه الأدوية إلا أسباب يسرها الله لعباده في الدنيا. وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تداوى، وثبت كذلك أنه طلب طبيبًا غير مسلم هو الحارث بن كِلْدة حين كان يعود سعد بن أبي وقاص.
 
والإسلام لا يقبل أن يؤذي المرء نفسه أو يلقي بها في تهلكة، كذلك حارب الإسلام الكهانة ونهى عن الدجل والشعوذة، وحذر من هذه الوسائل العقيمة حماية للمريض من الخطر ووقاية له من المرض، كما حرم الإسلام التداوي بالمحرمات لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما جعل الله شفاء أمتي فيما حرم عليها"
.
ومن هنا يأتي الحديث عن الطب النبوي الذي قسمه علماء الفقه إلى ثلاثة أقسام: (الطب الوقائي، والعلاجي، والتشريحي). ويرى الباحث الأكاديمي عبد العليم أحمد عوض أن الطب النبوي يتميز بصفات: أولها أنه طب إيماني اعتقادي، كما أنه طب كلي وشامل، وهو أيضا تشريعي أخلاقي، وله غاية وهدف إضافة إلى أنه غير مكلِّف، وقبل ذلك كله فإنه طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والطاعة فيها النجاة في الدنيا والآخرة.
 
وفى دراسة أخرى للدكتور عبد الباسط محمد سيد، الأستاذ بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة، أعدها تحت عنوان (التداوي بالأعشاب والطب النبوي) استعرض الكاتب بعضًا مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في باب التداوي بالأعشاب ليكشف لنا أن هذا الطب سبق إلى كثير من الأمراض التي يعجز العلم عنها حتى الآن، ومن بين ما تعرض الرسول صلى الله عليه وسلم لعلاجه بوصفات تقوم على الأعشاب ما يأتي:
 
1- ألية الشاة لعلاج عِرق النسا: فقد قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان رسول الله يصف لعلاج عرق النساء ألية شاة أعرابية تذاب ثم تجزأ ثلاثة أجزاء ثم تشرب على الريق كل يوم جزءا" (رواه أحمد وابن ماجه). فإذا كان الألم يرجع إلى التصلب فإن هذه الألية تسبب لينًا في العرق وتخفف من آلامه، وتشترط هذه الوصفة أن تكون الشاة أعرابية لأنها ترعى على الشيح والقيصوم وهما عشبان مفيدان لآلام عرق النساء كما أثبتت الدراسات الحديثة.
2- الإثمد: وهو الكحل الأصبهاني، وهو بارد يابس يقوي عصب العين ويحفظ صحتها لما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن خير أكحالكم الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر" (رواه أحمد وابن ماجه).
3- البقلة الحمراء: وهي من فصيلة الرجيليات وهي نبتة سنوية عشبية من ذوات الفلقتين كثيرة التويجات وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان في رجله قرحة فمرصها فعصر على رجله منها فبرأ، فقال: بارك الله فيك أنبتي حيث شئت" أورده الحافظ العراقي في تخريجه على الإحياء .
4- الحبة السوداء: لما روي عن أبي هريرة عن رسول الله مرفوعا: "عليكم بالحبة السوداء فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام والسام الموت" رواه البخاري ومسلم.
5- العسل وخاصة لعلاج أمراض البطن: وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لعق العسل ثلاث مرات غدوات في الشهر لم يصبه عظيم البلاء" رواه ابن ماجه، والغدوة ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس.
 
وأوردت الدراسة بعض الأمراض التي عالجها الحديث النبوي الشريف والتي تمثلت في علاج
 
1- النوع الثاني من مرض السكري (سكري البالغين) ويوصف له البصل، فقد ثبت أنه إذا أكل طازجا أو مطبوخا يقلل من نسبة الإصابة بجلطة الدم، وهو الأمر الذي يبرر قلة إصابة العمال والفلاحين بهذا المرض لكثرة استعمالهم البصل في طعامهم.
2- القرحة وتعالج بالحناء: لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنه كان لا يصاب بقرحة ولا نكبة إلا وضع عليها الحناء" رواه الترمذي وابن ماجه .
3- إذابة الدهون في الجسم وتقليلها عن طريق الخل: ورغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصف الخل دواء لهذا الغرض إلا أنه ثبت عنه قوله صلى الله عليه وسلم: "نعم الإدام الخل" (رواه مسلم وأحمد)، وكان الثابت عنه أنه كان يأكل الخل بالزيت، وقد كشفت الدراسات التي أجريت حديثا أن الخل -وخاصة خل التفاح- يساعد بصورة قوية على إذابة الدهون في الجسم، وبذلك يكون مفيدا في العلاج التجميلي وعلاج البدانة والأمراض التي تترتب عليها، وذلك لاحتوائه على الأحماض العضوية اللازمة في التمثيل الغذائي إلى جانب العديد من المعادن اللازمة للجسم
4- تقوية الكبد وإذابة الدهون عن طريق زيت الزيتون: وهو أمر كشفت عنه الدراسات الحديثة، أيضا فهو يحتوي على الأحماض الدهنية غير المشبعة التي تساعد في هذا المجال، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة" (رواه ابن ماجه والحاكم).
5- الشفاء من الرمد والانتفاخات والأورام عن طريق توابل السنّوت: وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالسناء والسنّوت فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام" (رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم).
والسناء منه الحجازي ومنه الهندي وهو نبات شجيري من الفصيلة القرنية، زهره مصفر وحبه مفلطح رقيق ويستخدم في الجزيرة العربية لعلاج الصرع المزمن، ويقال: إن المطبوخ منه في الزيت يذهب بالبواسير وأوجاع الظهر، وطبخه مع الخل يزيل الكحة، أما السنّوت فهو من التوابل القريبة من الشمر الحار وهي نبات بري فقيل: إنه الكمون، وقيل الشبت كما في الشام وقيل التمر.
6- علاج البواسير والنقرس بالتين: فقد ورد قوله صلى الله عليه وسلم: "لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة قلت التين، لأنه فاكهة الجنة بلا عجم، كلوا منه فإنه يقطع البواسير وينفع النقرس" (رواه البخاري)
7-علاج الضيق بالاستغفار وهو مرض نفسي لقوله صلى الله عليه وسلم : " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب" (رواه أبو داود)، وكان النبي إذا حزبه أمر قال: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث" (رواه الترمذي).
8- علاج أمراض البطن بالعسل الأبيض: فعن أبي سعيد الخدري "أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي يشكو بطنه فقال: اسقه عسلاً، فذهب ثم رجع فقال: قد سقيته فلم يغن عنه شيئا، فقال: اسقه عسلا فرجع فقال: سقيته فلم يغن عنه شيئا، وفى الثالثة أو الرابعة قال: صدق الله وكذبت بطن أخيك اسقه عسلا فسقاه فبرأ" رواه مسلم.
9- علاج الحمى بالماء: لقوله صلى الله عليه وسلم "إنما الحمى (أو شدة الحمى) من فيح جهنم فأبردوها بالماء" رواه البخاري.
10- علاج الصداع: روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا نزل عليه الوحي صدع فيغلف رأسه بالحناء" رواه ابن ماجه .
11- ويمكن القول أيضًا: إن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم في الجانب الطبي والوقائي وصلت إلى التحرز من مرض الإيدز، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا" أخرجه ابن ماجه في الفتن .
12- وفي ذات الوقت الذي أثبت فيه العلم الحديث انتقال العدوى من المريض إلى السليم باقترابه منه أو مجالسته فإن الطب النبوي أكد ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يُورِد مُمْرض على مُصِحّ" وهو ما يطلق عليه حديثا قاعدة العزل الصحي أما الحجر الصحي فيفهم من الحديث الشريف" إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تهبطوا وإذا كان بأرض وأنتم بها فلا تفروا منها" رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي.
 
13- وأخيرا فقد حذر النبي من الكسل ومضاره على صحة الإنسان فقال: "أخشى ما خشيت على أمتي كبر البطن ومداومة النوم والكسل"، وحث صلى الله عليه وسلم على الحركة والسفر فقال: "سافروا تصحوا واغزوا تستغنوا " أخرجه أحمد في مسنده وصححه المناوي وحسنه السيوطي".
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة