السوسنة
الغيبة هي ذكر الشخص بما يكره في غيابه، سواء كان ذلك بالكلام، أو بالإشارة، أو حتى بالتلميح، وهي من الأفعال المحرمة شرعاً، قال الله تعالى في القرآن الكريم:"وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ".
أما رفع الصوت على الأم من التصرفات اللي تعتبر سيئة جدًا وغير مقبولة لا في الدين ولا في الأخلاق، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا [الإسراء: 23].
لكن السؤال هل عمل المعصية أثناء الطاعة يبطل الطاعة؟ كغيبة أحد أثناء الوضوء، أو رفع الصوت على الأم أثناء الوضوء، أو أثناء الغسل؟
الإجابــة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغيبة أثناء الوضوء، أو بعده لا تبطله، وكذلك رفع الصوت على الأم أثناء الوضوء، أو الغسل لا يبطلهما.
جاء في المغني لابن قدامة: ولا ينقض الوضوء ما عدا الردة من الكلام من الكذب، والغيبة، والرفث، والقذف وغيرها. نصَّ عليه أحمد.
وقال ابن المنذر: أجمع من نحفظ قوله من علماء الأمصار على أن القذف، وقول الزور، والكذب، والغيبة لا توجب طهارة، ولا تنقض وضوءًا، وقد روينا عن غير واحد من الأوائل أنهم أمروا بالوضوء من الكلام الخبيث، وذلك استحباب عندنا ممن أمر به، ولا نعلم حجة توجب وضوءًا في شيء من الكلام، وقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله». ولم يأمر في ذلك بوضوء. اهـ.
وهناك طائفة من أهل العلم يقولون باستحباب الوضوء من الغيبة، ونحوها من الكلام المحرَّم، لكن لا يجب ذلك.
قال النووي في المجموع: الصحيح، أو الصواب استحباب الوضوء الشرعي من الكلام القبيح، -كالغيبة والنميمة، والكذب، والقذف، وقول الزور، والفحش، وأشباهها-... إلى أن قال: أجمع العلماء على أنه لا يجب الوضوء من الكلام القبيح، -كالغيبة، والقذف، وقول الزور، وغيرها-. اهـ.
أمَّا ثواب الوضوء، فإنه ينقص بما يقع فيه من المعصية -كالكلام المحرَّم مثل الغيبة- وللإمام ابن القيم كلام نفيس في هذا المجال.