السوسنة
تمر اليوم ذكرى وفاة الإمام أبو حامد الغزالي، أحد أبرز علماء المسلمين في القرن الخامس الهجري، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم، 18 ديسمبر عام 1111.
كان الغزالي فقيه شافعيّ المذهب، وأصوليّ، وفيلسوف، وصوفيّ، تميز بعمقه العلمي حتى قيل إنه لم يكن للشافعية في زمانه نظير، وكان يتبع مذهب الأشاعرة في العقيدة.
يُنسب إلى الغزالي أكثر من 400 عمل، لكن يُعتقد أن نسبة كبيرة منها ليست من تأليفه، أو أن بعض الأعمال تكررت بأسماء مختلفة في المخطوطات. ومع ذلك، بقي ما لا يقل عن 50 عملاً أصيلاً يحمل بصمته. كثير من هذه المخطوطات لم تُدرس بدقة حتى اليوم، مما يجعل من إرثه مجالاً خصبًا للبحث والتحقيق.
أعظم أعماله:
من أبرز مؤلفاته "إحياء علوم الدين"، وهو موسوعة ضخمة تتكون من أربعين كتابًا. شرح فيها عقائد الإسلام وممارساته، وبيّن كيف يمكن أن تكون هذه التعاليم أساسًا لحياة عبادة تقود إلى أعلى مراحل التصوف. كما تناول العلاقة بين التجربة الصوفية وأشكال الإدراك الأخرى في كتابه "مشكاة الأنوار".
كان الغزالي نشطًا في مجال الفقه وأصوله، وترك بصمة واضحة بكتابه "المستصفى"، الذي يُعد من أهم المؤلفات في أصول الفقه. كما ألّف كتاب "الاقتصاد في الاعتقاد" الذي يعكس عقائده اللاهوتية. على الرغم من تحوله إلى التصوف لاحقًا، فإنه لم يتخلَّ عن العقائد التي قدّمها في هذا الكتاب.
كتب الغزالي أيضًا أعمالًا جدلية، منها نقده للطائفة الإسماعيلية النزارية المتشددة، و(إن كان أصيلًا) نقدًا للمسيحية. كما يُنسب إليه كتاب "نصيحة الملوك"، الذي تناول فيه إرشادات للحُكّام.
مكانته في الفكر الإسلامي:
يمثل الغزالي نقطة التقاء بين الفقه والفلسفة والتصوف، إذ استطاع أن يدمج هذه المجالات في رؤية شاملة تتحدث للعقل والقلب معًا. لا يزال إرثه موضع دراسة وبحث، وهو أحد أعلام الفكر الإسلامي الذين تجاوزت آثارهم حدود الزمان والمكان.