هل يجوز احتساب مال الكفالة من الزكاة

السوسنة

الزكاة، ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفريضة على كل مسلم عاقل قادر مكلَّف، تُعطى للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم  وفي الرقاب والعبيد والغارمين وابن السبيل.

أما الكفيل هو من التزم بأن ينفذ بنفسه التزامات المدين اتجاه الدائن.

وفي هذا الشأن، هل يجوز لكفيل شخص معسر، مطلوب للتنفيذ القضائي، ان يحتسب ما دُفع وما سوف يدفع عنه من الزكاة، علماً أنه ملزم بالقانون بالدفع عنه كونه كفيلاً؟

أجابت دار الافتاء عن هذا السؤال واوضحت عبر موقعها الرسمي بالقول:

"الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله

يجب على من ضمن مالاً لدائنٍ أن يؤدي الدين إذا عجز أو تخلف المدين عن دفعه، وصاحب الدين له مطالبة المدين أو الضامن أيهما شاء، فقد جاء في [حاشية الباجوري 2/ 726] من كتب السادة الشافعية: "وله –أي صاحب الدين- مطالبة المدين، والضامن أيهما شاء بجميع الدين".

وزكاة المال لها مصارف محددة معلومة بينها الله تعالى بقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60]، ولها شروط لتصح: منها تمليك الزكاة للمستحق، وهذا مستفادٌ من اللام في الآية، ومنها النيَّة عند الإخراج، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "وتجب النية، فينوي هذا فرض زكاة مالي، أو فرض صدقة مالي ونحوهما" [منهاج الطالبين 2/ 72].

ومنها أن لا يخرجها لنفسه؛ لأن إخراجها للنفس لا يعد إخراجًا ولا تمليكًا، فهو لا يكون مزكيَّاً ومستحقاً للزكاة في آنٍ واحدٍ، ولا لمن تلزمه نفقته بصفته فقيرًا أو مسكينًا، قال الإمام الشربيني رحمه الله في بيان الأصناف الذين لا يستحقون الزكاة: "والرابع: من تلزم المزكي نفقته بزوجية أو بعضية لا يدفعها إليهم باسم أي من سهم الفقراء، ولا من سهم المساكين؛ لغناهم بذلك، وله دفعها إليهم من سهم باقي الأصناف إذا كانوا بتلك الصفة" [الإقناع بشرح ألفاظ أبي شجاع 1/ 232]، وإخراج الزكاة لقضاء دين وجب عليه قضاؤه بضمانه للمدين أشبه بإخراجها لنفسه، فلا يجوز.

وعليه؛ فلا يجوز احتساب ما دفعه السائل بسبب الضمان من الزكاة؛ لتخلف شرط النية عند الإخراج، ولعدم توافر شرط التمليك كذلك، ولكن لا حرج على الضامن أن يدفع من زكاته للمضمون عنه بصفته غارمًا، أو بصفته فقيرًا أو مسكينًا، وللمضمون بعد تملكها أن يقضي دينه منها، إن ارتأى ذلك. والله تعالى أعلم.