هل يجوز التقاط الصور للشخص المحتضر؟

السوسنة - يقوم بعض الأشخاص بالتقاط الصور والفيديوهات لقريبهم أو عزيزهم في حالة مرضه الشديد او احتضاره قبل الوفاة، ونشرها عبر مواقع التواصل او ارسالها لقريب مسافر او غير متواجد معهم، او للذكرى، ما يجعلهم ينشغلون بالتقاط هذه الصور، بدل من الدعاء له أو تلقينه الشهادتين قبل وفاته.

ويتساءل البعض هل التقاط الصور للمحتضر أمر محمود أو مذموم، وما حكمه في الشريعة؟ وبدورها أجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي عن هذا السؤال موضحة حكمه، وتاليا نص الإجابة:

"الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الاحتضار حالة تسبق الموت، وهو من أكثر المواقف عبرة وعظة، ومن أشد المواقف على المحتضر؛ لما يعانيه من سكرات الموت، ومن أكثرها وعظاً للأحياء من حوله، إذ تعرف الدنيا على حقيقتها، فيترك الإنسان كل ما يملك، ويفارق الحبيب أحبابه.

وقد علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نطمئن قلب المحتضر بذكر الله وبتلقينه الشهادتين، والاشتغال بذكر الله وقراءة القرآن والدعاء له؛ لأن الموت مصيبة ومصابه جلل كما قال تعالى: {فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة: 106]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ) رواه أبو داود.

وموقف الاحتضار يتطلب من أهل المحتضر الصبر، والاحتساب والمسارعة في فعل الخيرات؛ لذا فالانشغال عند المحتضر بالأحاديث الدنيوية، والقيام بالتقاط الصور والفيديوهات له، من الأمور التي ينبغي الابتعاد عنها وتجنبها؛ لما فيها من الاعتداء على خصوصية المحتضر وكرامته، فكرامة الإنسان مصونة في شريعتنا الإسلامية بقوله الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70]، ولما فيها من التجسس على الغير، والله تعالى يقول: {وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ} [الحجرات: 12]، بل إن تصوير الإنسان في الأحوال الطبيعية بغير إذنه لا يجوز شرعاً.

وقد يظهر المحتضر بصورة مؤلمة تتسبب بزيادة الفاجعة والضرر النفسي لأهله وأقربائه، خاصة إذا تم نشر هذه الصور على وسائل الاتصال الاجتماعي المختلفة، مما يزيد من التسبب بالأذى لأهله ومحبيه، كما أن هذه الصور والفيديوهات قد تنشر بعد مدة من وفاة المحتضر مما يجدد الأحزان عليهم، فإذا كانت التعزية مسنونة لثلاثة أيام لتسلية أهل الميت، وتكره بعدها خشية تجديد الحزن على أهله.

جاء في كتاب [المجموع شرح المهذب 5/ 306]: "وتكره التعزية بعد الثلاثة؛ لأن المقصود منها تسكين قلب المصاب، والغالب سكونه بعد الثلاثة، فلا يجدد له الحزن".

وعليه؛ فمن أراد الخير للمحتضر فليجتهد بالدعاء له بالمغفرة وتذكيره بالله تعالى، وقراءة القرآن، ويتجنب تصوير المحتضر أو الميت، ففيه انتهاك لحرمة المحتضر أو الميت وأذى لأهله. والله تعالى أعلم".

إقرأ ايضا: