السوسنة - تساءل أحد الأشخاص، عن حكم كثرة الجماع، وان كان إسرافا يمنعه الشرع؟
بدوره أجاب الدكتور السيد سعيد الشرقاوي، الأستاذ بجامعة الأزهر، عن هذا الاستفسار، مؤكدا إن الشرع الإسلامي جاء بأحكام تتوافق مع فطرته وغريزته، وضبطهما ونظمهما.
ومن هذه الأحكام تنظيم العلاقة الزوجية، والجماع بين الزوجين، واوضح أوقات تحريمها كوقت الحيض والنفاس والإحرام والاعتكاف وصيام الفرض، وتحريم الجماع في الدبر، كما جعل لها آدابا كجعل رسول بين الزوجين قبل اللقاء من المداعبة والتقبيل والا يأتي الرجل زوجته فجأة.
وأضاف الشرقاوي، ان الشرع الحنيف راعى الرغبة الجنسية عند كل من الزوجين، فلم يلزم الزوج بإقامة العلاقة يومياً مع زوجته ولم يلزم الزوجة بذلك، بل ترك الأمر لوجود الرغبة والقدرة الجسدية، وما لم يشغل عن واجب أو يؤد إلى ضرر.
جعل الدين أجرا للزوجين على هذا الاستمتاع إذا أحسنا النية، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... وَفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ، وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ. صحيح مسلم.
وبين الشرقاوي ان الشّريعة لم تحدد او يذكر فيها نصّ على عدد مرات للوطء لأنّ ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، ولكن الجماع حق للمرأة وواجب على زوجها، قال ابن قدامة : " والوطء واجب على الرجل - أي الزوج بأن يجامع زوجته - إذا لم يكن له عذر ، وهذا ما نقله هو وغيره عن كثير من الفقهاء.
ولا يجوز للزوج أن يحمِّل امرأته ما لا طاقة لها به من الجماع، وخاصة ان كانت معذورة لمرض، أو عدم تحمل أو صائمة لصيام فرض أو خشيت تضييع الفرائض لم تأثم من رفضها للجماع، لقوله تعالى (وعاشروهن بالمعروف) وقوله تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (اتقوا الله في النساء) وقوله صلى الله عليه وسلم (لا تكلفوهم ما لا يطيقون).
وحذر الشرقاوي من أن يستغل بعض الأزواج حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: ( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ).(البخاري ومسلم). لتهديد الزوجات والضغط عليهن في إقامة العلاقة الزوجية، وعلى الزوج أن يتقي الله في زوجته.
وعليه، أكد الشرقاوي: "ليست كثرة الجماع من الإسراف بشرط ألا يترتب عليها ضرر جسدي او معنوي لأحد الزوجين أو كلاهما أو ضياع حق او فرض كما أن الإسلام لم يحدد عددا معينا للقاء الزوجي لا يوميا ولا أسبوعيا وإنما يكون بالمعروف وحسب القدرة الجسدية والرغبة الجنسية للزوجين بلا ضرر ولا ضرار وبدون إفراط او تفريط. وأسأل الله تعالى صلاح بيوت المسلمين اللهم آمين".