من شرح الأحاديث النبوية الشريفة

السوسنة - روي هذا الحديث الشريف في صحيح مسلم عن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد ورد هذا الحديث بروايات أخرى وألفاظ مختلفة في عدد من كتب الحديث، وهو يحدد القواعد الأساسية التي تضمن تناغم المجتمع الإسلامي وانسجامه، وتحميه من أمراض القلوب كالبغضاء والغيرة والحسد.

حدثني يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث "

شرح الحديث الشريف:


ينهى هذا الحديث الشريف عن ثلاثة أمور أساسية تدمر المجتمعات وتهدم العلاقات بين الناس وهي:
التباغض ( الكراهية)
" لا تباغضوا" نهى رسول - الله صلى الله عليه وسلم -  المسلمين عن كراهية بعضهم البعض، وحثهم على المودة فيما بينهم في كثير من الأحاديث الشريفة، وقد يقول القائل أن الإنسان لا يمكنه التحكم بشعوره، فكيف له مثلاً أن لا يبغض شخصاً آذاه أو سلب حقه، وهنا قال العلماء أن هذا النهي ليس نهياً عن الكراهية فقط، ولكنه نهي عن فعل الأمور المسببة للكراهية أيضاً، وكذلك الأمر في النهي عن التحاسد والتدابر، فلو أن كل شخص امتنع عن فعل الأمور التي ستسبب له كراهية الآخرين، أو حسدهم، أو قطيعتهم فهذا سيجعل من السهل على من حوله أن يحبه ويحب له الخير فتنتشر المودة في المجتمع .

التحاسد ( تمني زوال الخير عن الآخرين)
" ولا تحاسدوا" والحسد كما قال أهل العلم ثلاثة مراتب:
- الأولى: أن يتمنى الشخص أن تزول النعمة عن غيره وتتحول إليه.

- الثانية: أن يتمنى الشخص أن تزول النعمة عن غيره حتى لو لم تتحول إليه.

- الثالثة: أن يسعى الشخص لضرر غيره حتى يتأكد من زوال هذه النعمة عنه.

أحيانا قد يكون سبب الحسد مرتبطاً بالشخص الذي لديه النعمة سواء أكانت مالاً أو صحة أو جمالاً أو عقلاً راجحاً، فكثرة تفاخره بما لديه دون مراعاة مشاعر من حوله ممن حرموا هذه النعم قد تثير الحقد والسخط في قلوبهم وتدفعهم إلى حسده وتمني أن تزول هذه النعم من عنده، ولكن في كثير من الأحيان قد يرتبط الحسد بعدم الرضا والقناعة، وهكذا نرى أن المسؤولية مشتركة على طرفي القضية، فيجب على الإنسان صاحب النعم الكثيرة أن لا يتفاخر بها أمام الآخرين، ويحمد الله على ما آتاه ويستخدمه في طاعته، ويحرص على مراعاة مشاعر من حرموا مما عنده من النعم، كما يجب على الإنسان الذي فقد هذه النعم أن يرضى بما قسم الله له ويبذل جهده دوماً ليحسن حياته ويصل لما يصبو إليه، ويدعو الله أن يبارك له فيما آتاه ويزيده من فضله.

التدابر (القطيعة والبعد)
" ولا تدابروا" والتدابر هو إدارة المرء ظهره لشخص ما عند رؤيته حتى لا يلتقيه أو يسلم عليه، وهو نوع من القطيعة المنهي عنها بين  المسلمين، لذلك نرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن لا يزيد التقاطع بين المسلمين عن ثلاثة أيام،  كما سيأتي في شرح بقية الحديث.

أما ما بقي من الحديث ففيه وصية للمسلمين وتحديد للحد الأقصى لاستمرار القطيعة فيما بينهم:
"وكونوا عباد الله إخوانا"
هنا يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بأنهم إن ابتعدوا عن الأمور الثلاثة التي سبق ذكرها سيكونون إخوانا، وأما إن استسلموا لهذه الأمور وانجروا وراءها،  فإن المودة والأخوة ستتلاشى وتحل مكانها العداوة والبغضاء.

"ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر رواه الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ، فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَام"، وفي هذا نهي صريح عن التقاطع والتدابر لأكثر من ثلاثة أيام، فإن زاد المسلمان في تقاطعهما على ثلاثة أيام يأثم كلاهما، وخيرهما من يحاول كسر القطيعة ويبدأ بالسلام.


المصادر: 
موقع اسلام ويب

كتاب تنبيه النساء من معصية رب السماء – الشيخ عرفان العشا حسونة الدمشقي.
موسوعة النابلسي

تنبيه النساء من معصية رب السماء

عرفان العشا حسونة الدمشقي ،الشيخ


 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة