تفسير الحديث الشريف: إنما الأعمال بالنيّات

السوسنة - عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء مانوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما .

يقول الشيخ الشيخ نبيل العوضي خطيب وداعية وإعلامي كويتي ، إن أخطر شيء في عبادة الإنسان نيته، فالأعمال الظاهرة قد يتحكم بها العبد مثل: (كيف يسجد، كيف يركع ، كيف يقرأ، كيف يسير، كيف يرمي الجمار ... الخ) هذه الأعمال ظاهرية يستطيع العبد إن اجتهد أن يتحكم بها ولكن المصيبة ليست فيها، المصيبة بالقلب ، كيف يتحكم العبد بقلبه؟ وهذا ما يسمى بالنية.

يقول الله تعالى: " قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (11)، أي أمر الله تعالى أن تكون العبادات كلها له، وأنه لا يقبل الله تعالى عملا ليس خالصا كاملاً له عزوجل.


**هناك صورًا كثيرة من العبادات التي يقوم بها العبد ولا تقبل، ومن ضمنها أول ثلاثة من الذين تسعر بهم النار ، قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث القدسي : " أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ ، فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ ، وَرَجُلٌ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ : أَلَمْ أُعِلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ ، وَآنَاءَ النَّهَارِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللَّهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلانٌ قَارِئٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ ، وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعَكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَمَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ ، وَتَقُولُ الْمَلائِكَةُ لَهُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللَّهُ : بَلْ أَرَدْتَ ، أَنْ يُقَالَ : فُلانٌ جَوَادٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ ، وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقُولُ لَهُ فِي مَاذَا قُتِلْتَ ؟ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللَّهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلانٌ جَرِيءٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ " ، ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتَيَّ ، فَقَالَ : " يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، أُولَئِكَ الثَّلاثَةُ أَوَّلُ خَلْقٍ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "  
يفسر الشيخ العوضي ما سبق ، المثال الأول: رجل جمع القرآن "قارئ القرآن"، يقال له يوم القيامة ماذا فعلت في دنياك؟ فيقول قرأت القرآن من أجلك يا الله آناء الليل وأطراف النهار، فيقول له عز وجل: كذبت، وتقول الملائكه له في المحشر: كذبت ، فيقول له عز وجل إنما قرأت ليقال عنك قارئ وأن تشتهر بين الناس هذه نيتك، خذوه الى النّار فيسحب على وجهه الى جهنم.

المثال الثاني: "رجل يُقتل في سبيل الله"، يقال له ماذا فعلت يا عبدي، فيقول: قاتلت في سبيلك حتى قُتلت، دمي كان من أجلك يارب ، واجهت السلاح من أجلك، فيقول له عز وجل وهو العليم الخبير: كذبت، وتقول الملائكة كذبت، فيقول الله عز وجل إنما قاتلت ليقال عنك شجاع فقد قيل، خذوه الى النار فيسحب على وجهه الى النار.

المثال الثالث:"رجل كثيرالمال"، يقال له ماذا فعلت: يقول يارب مالي وصلت به الرحم وتصدقت به في سبيلك وأموالي كلها أنفقتها ، فيقول له الله عز وجل كذبت لقد تصدقت من أجل أن يقال عنك جواد وكريم ، فتقول الملائكة: كذبت، فيقول الله عزوجل خذوه الى النار.

قال الله تعالى:" مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) . 

ويتابع الشيخ نبيل العوضي كلامه لما سبق ويكمل خلال شرحه، احرص يا عبد الله على نيتك واصلح قلبك واجعل عملك كله لله لا أحد غير الله فكل شيءهالك إلا وجهه.