في ذكرى ميلادها .. ! - مدحت القصراوي

 لم تكن الهجرة مسافة زمنية تُقطع، ولا إزاحة لقطعة من الأرض.. بل كانت سفرا كبيرا فقد صحبتها هجرة بالقلوب الى أبعد مما بين السماء والأرض..

لقد كانت قطعا لمسافة كبيرة للبشرية إذ وُلد بها كيان يحمل ويمارس أحكام الله، وقيما وأخلاقا ربانية، وإنشاء نظام اجتماعي قائم على هذا الدين، ونظام اقتصادي وسياسي على منهج هذا الدين. كانت ميلادا لدولة بدأت وانطلقت الى أقاصي الأرض من شرقها الى غربها، بحيث أن كل بقعة شملتها هذه الدولة كانت قياما بالرسالة وإبلاغا للرسالة وانبلاجا لنور الله على هذه البقعة.

بها وبأهلها وبجندها عرفت الدنيا الاسلام والتوحيد، وأنقذها هذا الدين من براثن شركها وجاهليتها وأدخل أهلها الجنة.

وسمح هذا الدين لهذه الدولة أن يقودها عربي وفارسي وكردي وتركي وغيره. وأيا كانت الألوان واللغات والقوميات فالجنسية أصبحت "لا اله الا الله". 

الانتاج المادي كان قائما على قيمها ولم يكن خصما من الأخلاق والقيم والعقائد ولا على حساب العلاقة بالله. لم تخيّر الناس بين الدنيا والآخرة فتختار الآخرة بصورة غلو خاطيء كالرهبان، ولا تختار الدنيا بعفنها المؤقت وعلى حساب الدين والعقيدة والأخلاق والعفة؛ كالحضارة الغربية المنحلة. بل قدمتهما طريقا واحدا الى الله.

نحن اليوم محرومون منها، وتحارب الدنيا أهلَ الاسلام لئلا يعودوا اليها ولا يسمحوا بميلادها، فقبع بعضهم في السجون والآخر تحت التراب وكثير في المنافي والبقية يجترون الغصص وينتظرون وعد الله.. في ذكرى ميلاد "دولة محمد" صلى الله عليه وسلم.. سلام الله على كل عامل من أجل عودتها، وعلى محمد وصحبه الذين أقاموها، وعلى كل مجاهد وداعية تبعهم بإحسان الى يوم الدين.

 
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة